تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبر وفاة العقيد الطيار “حسان عبد الرزاق حمود” بمعتقله في غياهب سجون النظام سيئة الصيت، والذي كان مع انطلاق الثورة السورية أحد طياري (السرب 54 مقاتل/قاذف) ويضم في قوامه الطائرة (سوخوي 22م2) التابع للواء 30 في مطار “الضمير”.
وكغيره من معظم الطيارين الذين ينتمون إلى أكثرية الشعب السوري كان معارضا لاستخدام السلاح ضد الشعب، ومع تزايد وتيرة الاحتجاجات الشعبية وزيادة حالات الانشقاق بشكل عام وفي سلاح الطيران بشكل خاص، حيث انشق عن سربه اثنان من زملائه بتاريخ 1 حزيران/يونيو من عام 2012، وهما نائب قائد السرب العقيد الركن الطيار “محمد نعسان النعسان”، المنحدر من مدينة حمص، والعقيد الركن الطيار “خالد شحادة عزيزي”، المنحدر من درعا، وعلى إثر ذلك قامت إدارة المخابرات الجوية بإعطاء تعليمات بتشديد الرقابة على الضباط بشكل عام والضباط الطيارين الذين تشهد بلداتهم أو مدنهم تظاهرات أو أحداثا ثورية. وكون العقيد “حمود” ينحدر من ريف إدلب، تم الطلب منه أن يسكن في المساكن العسكرية في “الضمير”، وكان ذلك نتيجة للضغط الأمني والعائلي، كون زوجته الثانية تنتمي إلى الطائفة العلوية من قرية “القلايع” بريف جبلة.
قبل العقيد مجبراً على السكن في المساكن العسكرية، وتم تخصيص مسكن له من قبل قائد الفرقة اللواء الطيار “جايز الموسى” حينها، لكن وبالرغم من سكنه في المساكن العسكرية ووضعه تحت رقابة شديدة من عيون المخابرات في مطار “الضمير” والمساكن العسكرية، فضلاً عن مراجعة إدارة المخابرات الجوية وفرع المنطقة في “حرستا” كل حوالي 15 إلى 20 يوما، خاصة مع بداية استخدام طائرات (سوخوي 22م2) من (السرب54) ضد الشعب بتاريخ 1 تموز/يوليو عام 2012.
ازداد تحفظ العقيد “حمود” حيث كان يشاهد بعض زملائه في السرب وخاصة قائد السرب العقيد الطيار “بسام عبد الكريم مكارم”، المنحدر من السويداء، ونائبه العقيد الركن الطيار “حسين ابراهيم عصورة”، المنحدر من بلدة “الغور الغربية” بحمص، ينفذون عمليات القصف على مدن وقرى الغوطة وريف دمشق ودرعا بقنابل من عيار (100,250,500)، من مختلف الأصناف فضلا عن الصواريخ جو/أرض، كان شديد الحذر والتحفظ في آرائه وأقواله على ما يجري وبطبيعة الحال، وبطبيعة الحال كان غير مرغوب به من قبل المخابرات الجوية ليكون من صفوف الطيارين الذين يقومون بطلعات القصف بالرغم من المكافآت المادية التي كان تصل أحياناً إلى 100 ألف ليرة سورية عن كل طلعة في بداية استخدام الطيران.
كان العقيد “حمود”، وفقا لمصادر مقربة يتهرب من الطيران بشكل عام في كثير من الأحيان بحجة عدم جهوزيته الصحية للطيران، لكي لا يتم زجه في قائمة الطيارين المجرمين، وبعد سقوط ومقتل كل من قائد السرب العقيد “بسام مكارم” في 20 شباط/فبراير عام 2013، أثناء قصفه لمدينة “سقبا” ومقتل نائبه العقيد الركن الطيار “حسين عصورة”، أثناء إسقاطه وهو يقصف مدينة “الضمير” في 14 أيلول/سبتمبر عام 2013، أصبح العقيد “حمود” وجهاً لوجه مع المطالبة بأن يكون أحد الطيارين المنفذين، حيث تم طلبه إلى إدارة المخابرات الجوية لمقابلة مدير الإدارة اللواء “جميل الحسن” وإغرائه بأن يكون أحد الطيارين، بالترغيب بالمال والهدايا والترهيب بأن هذه مهمة وطنية مقدسة ولا يجب التهرب منها ضد “أعداء الوطن والإرهابيين”، لكنه كان دائما يصر على أنه لا يستطيع تحمل قتل أي مدني خلال استهدافه لـ”الارهابيين”.
وكون زوجة العقيد “حمود” من الطائفة العلوية الحاكمة، وعلاقاته مع ضباط من ذات الطائفة، مقربين من المخابرات الجوية مثل صديقه القديم العميد الطيار “توفيق خضور”، رئيس أركان اللواء 30، تم التوسط عبره لكي يقوم “حمود” بتنفيذ طلعات حربية في البادية والصحراء بعيداً عن التجمعات السكنية وطبعا هدفها هلى حد زعمهم “الإرهابيين والتكفيريين”.
قام “حمود” بتنفيذ طلعتين أو ثلاث قبل اعتقاله، كما كشفت المصادر، مشيرة إلى أن ذلك كان على خلفية هجوم شنته الفصائل المسلحة على المواقع العسكرية بين مطاري “الضمير” و”السين” وما حولهما، حينها اتهم من قبل زملائه من “غربان الموت”، بعدم تعمد الإصابة أثناء التنفيذ، وفي وقت لاحق رصدت له مكالمة مع أحد أقاربه في بلدة “ترمانين” لم يتم فهم فحواها بسبب اعتقاله بنفس الليلة، حيث قدمت دورية من المخابرات الجوية من دمشق واقتادته موجوداً من السرب، ومنذ ذلك اليوم وحتى تاريخ إعلان وفاته لم يعرف عنه أحد شيء. وكان العقيد “حمود” يتمتع بشخصية متقلبة بين الجدية والهزلية والمتحفظة ويعيش حياة عائلية صاخبة إلى حد ما، أدت إلى زواجه من امرأة ثانية من الطائفة العلويةـ أدى إلى عودة زوجته الأولى إلى حلب مع ولديها، لكنه كان على الصعيد المهني من الطيارين الممتازين جدا ليلا ونهارا ومن المدربين الجيدين الذين يمكن الاعتماد عليهم وكان رجلا على الصعيد العسكري، تعرض لعدة عقوبات عسكرية أدت إلى تأخر ترقيته سنة ونصف عن أفراد دورته. وينحدر العقيد الطيار “حسان حمود” من بلدة “ترمانين” في أقصى ريف إدلب الشمالي، عام 1965، عاش في مدينة حلب مع والداه، وبعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية عام 1982، انتسب إلى الكلية الجوية المعهد الجوي مع أبناء “الدورة الخاصة 14 طيارين حربيين” في شهر11من العام 1982، حيث اتبع في الكلية دورات على طائرات الكلية وتخرج منها برتبة مرشح طيار، خريف عام 1985، تم فرزه مع أفراد دورته بعد التخرج إلى اللواء 24 في مطاري “دير الزور” و”الطبقة”، حيث اتبع دورة على الطائرة (سوخوي 7)، وفي عام 1987 تم فرزه إلى قوام اللواء 30 في السرب 54 (سوخوي 20) في مطار “بلي” الذي كان يتبع إلى اللواء 30 في مطار “الضمير”، حيث بقي في نفس السرب حتى عام 2004. نقل السرب إلى اللواء 73 في مطار “خلخلة”، تحت تسمية (السرب 947) بقيادة المقدم الركن “توفيق خضور”، المنحدر من “بيت ياشوط” التابعة لـ”حلة عارا”، وهو حاليا قائد الفرقة الجوية 22، برتبة لواء، وكان أحد أهم أصدقاء العقيد “حمود”. وفي عام 2006 تم تنسيق طائرات (السرب947) سوخوي 20 بشكل نهائي وبالتالي تم توزيع طياري السرب على أسراب (سوخوي 22)، وتم فرز “حمود” إلى مطار “الشعيرات”، السرب 685 (سوخوي22م3) في اللواء 50، وهو برتبة مقدم، وبقي في المطار وهو يعاني صعوبة التواصل مع أي من عائلته ومع إصراره على نقله إلى الكلية الجوية في حلب أو إعادته إلى “مطار” الضمير، تم نقله مجدداً إلى اللواء 30 في مطار “الضمير” ليعود إلى السرب 54 مرة أخرى عام 2007 حيث بقي فيه حتى تاريخ اعتقال.