“سبحات نادرة لا مثيل لها يا شباب.. جديد وأنتيكا.. زاد الله من زاد”، بهذه العبارات يبدأ بائعو “السبحات” أو ما تعرف باسم “المسبحة”، مزاداتهم على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عبر تقنية البث المباشر.
وتبدأ أسعار المزادات لـ “المسبحة” العادية التي ليست من الأحجار الثمينة، من 100 أو 150 ليرة تركية لتصل إلى حدود 1500 ليرة تركية، وتختلف باختلاف نوعها وعدد حباتها و”الشرابية” أو الزينة الموجودة عليها والتي تكون في أغلب الأحيان من الفضة.
ومساء كل يوم تبدأ المزادات ويبدأ سوق بيع “السبحات” على الإنترنت ينشط بشكل ملحوظ، ويبدأ القائمون على المزادات وأغلبهم من “السوريين”، بالبث المباشر على صفحات “فيسبوك” الخاصة بهذا الأمر، والذي يترافق مع خلفية موسيقية من أغاني الطرب الحلبي الأصيل أو من أغاني الزمن الجميل، إضافة إلى عبارات التشويق والترغيب.
ومن العبارات المتعارف عليها والتي بات يشتهر بها بعض المزايدين “ما شاء الله على هيك بضاعة ياشباب.. من أجمل المسابح وأجمل الخامات.. يوجد شحن إلى كافة أنحاء العالم والبيع جملة ومفرق”، وأيضاً “عندنا أجمل السبحات وأجمل الشرابات.. من يريد أي شيء يكتب تعليق وزاد الله من زاد.. كل من يكتب تعليق يحق له المشاركة في المزاد.. فتحنا للعرض وأي خدمة نحنا جاهزين”.
ومن العبارات أيضاً، “مسابح قديمة بالدولار وجديدة بالتركي، مسابح نادرة ولا مثيل لها.. بضاعتنا مكفولة، التوصيل داخل تركيا مجاناً وخارجها التكاليف على المشتري”.
ويعرض المزايد أشكالاً متنوعة من “السبحات” مع ذكر أسمائها ومواصفاتها، على سبيل المثال “مسكي قديم شفاف من أجمل المسابح والصورة تتكلم، محجرة ولا أجمل، مسبحة حجر فيروز 99 حبة من أجمل ما يكون، مسبحة يُسر مكاوية 45 حبة، نُصيّة مسكية أنتيكا، مسبحة مسكية أنتيكا حبة فحلة، مسابح يُسر 3 دروب عيون، مسبحة عش النحل، ومسبحة فيروز ومرجان، مسكي تشيكي شفاف أنتيك، يُسر ذهبي أنتيك، مسبحة 33 حبة شرابة (زينة فضة)، يٌسر مكاوي 33 حبة، مسابح حبة خشنة فحلة”.
أحد أصحاب المزادات على الإنترنت والذي يقوم ببث المزادات على صفحته العامة في “فيسبوك” والتي تحمل اسم (القواس والأشقر للفضيات والمسابح والأنتيكا)، قال لـ “اقتصاد”، إن “أنواع المسابح المشهورة هي المسابح القديمة جداً والتي تكون أغلى ثمناً، مثل العنبر والكهرمان والمسكي القديم والعاج (الفيل)، والمرجان القديم والفيروز القديم”.
وأضاف أن “أسعار المسابح الجدد يعني خراطة جديدة تبدأ من 50 ليرة تركية وتنتهي عند آخر سعر 500 ليرة حسب جمال المسبحة، أما المسابح القديمة تبدأ أسعارها من 100 دولار وتنتهي 3000 أو 4000 دولار”.
وعن سبب توجههم إلى الإنترنت لبيع “السبحات”، أوضح أنه “عن طريق الإنترنت يكون البيع أكثر من أي طريقة أخرى، وعندما تُنشئ صفحة على الإنترنت مثل (فيس، إنستا، يوتيوب) وتعمل لهم تمويل، يكون عدد المشاهدين أكثر بكثير من أي شي آخر وتكون المشاهدات من جميع الدول في العالم”.
وعن آلية البيع وضمان حقهم، وحق من يريد الدخول في المزاد والحصول على “المسبحة”، أوضح مصدرنا أنه “يوجد قانون لدى تجار المسابح الذين يبيعون على الإنترنت هو عندما يدخل المشتري من أي دولة كانت ويرغب أن يشارك في المزاد على أي قطعة أعجبته، فيجب أن يكون معتمداً عندنا، أي يرسل رسالة على رقمنا على الوتس آب ليكون رقمه عندنا، وبعد ذلك ويرسل العملة وفي ذلك الوقت نرسل له البضاعة”.
أحد العاملين في سوق “غراند بازار”، وهو من أشهر أسواق إسطنبول، ويدعى “محمد التونسي”، قال لـ “اقتصاد”، إن “محلات بيع السبحات أو المسبحة منتشرة وبقوة داخل السوق، ويعمل بها الأتراك والعرب وخاصة السوريون، ويوجد في السوق أكثر من 50 محلاً لبيع السبحات وتصنيعها”.
وأضاف “التونسي” أنه “مع أزمة كورونا بدأ سوق السبحات يتراجع، واتجه من يعمل في بيعها إلى الإنترنت للبيع عن طريق الأون لاين من خلال المزادات التي يتم بثها على المباشر”.
وأوضح أن “القائمين على هذه المزادات كانوا في الأصل عمالاً في سوق غراند بازار، وبسبب الوضع الاقتصادي وتراجع السياحة أجبروا على العمل ببيع السبحات عن طريق الإنترنت، علماً أن بعض المحال ما تزال تفتح أبوابها لتبيع لهؤلاء المزايدين السبحات ضمن اتفاق معين على السعر وآلية السداد، ليقوم المزايدون ببيعها عن طريق الإنترنت”.
وذكر مصدرنا أن “السبحات التي يتم عرضها ضمن تلك المزادات على الفيسبوك ليست ذات قيمة مقابل السبحات المصنوعة من أحجار الياقوت والعقيق والفوسفو أو الكهربا، والتي تباع لدول الخليج بأسعار خيالية كونها تباع بالغرام والذي يصل سعر الغرام الواحد منها إلى نحو 20 دولار”.
وعن الفائدة المرجوة من البيع عن طريق الإنترنت خاصة بالنسبة للعمالة السورية، قال مصدرنا إن “سوق السبحات تراجع كثيراً بسبب ظروف كورونا، وهؤلاء يريدون خلق سوق لبيع السبحات عن طريق الإنترنت لكن حظوظهم في النجاح قليلة جداً”.
وبدأت تلك المزادات تثير شغف اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا، الذين يترقبون ساعات البث المباشر لحضور مزاد ما لبيع “السبحات” بأنواعها المختلفة وأشكالها اللافتة للانتباه، والذين يعربون عن أملهم في اقتناء إحدى السبحات المميزة إلا أن الظروف المادية تحول دون ذلك.
وفي هذا الصدد يقول اللاجئ السوري “أبو خليل” الذي ينتظر مزاد بيع السبحات بشكل يومي إنه مولع جداً بالسبحات وأنواعها ويتمنى اقتناء واحدة منها، إلا أن أسعارها تفوق قدرته على شرائها خاصة إذا كانت من (الأنتيكا) والتي قد يتجاوز سعرها الـ 2000 ليرة تركية، علماً أن هناك بعض السبحات سعرها أقل لكن ليست من النوع اللافت الذي يرغب به.
يشار إلى أنه حتى الأتراك من العاملين في سوق “غراند بازار” في إسطنبول، أو في أسواق بيع الفضة والخواتم والساعات (الأنتيكا)، نقلوا تلك المهنة إلى منصات التواصل الاجتماعي لمواكبة عصر البيع عن طريق الإنترنت، في محاولة للوصول إلى أكبر عدد من المتابعين وخاصة من العرب وحتى السوريين في تركيا، كما يوجد العديد من صفحات المزادات والتي تعتمد في بيع القطع والأنتيكا على البث المباشر في “فيسبوك”.