قال مسؤول في وزارة الاقتصاد والموارد التابعة لحكومة “الإنقاذ” في إدلب، إن الباب مفتوح لمن يرغب في تجارة استيراد المحروقات لكن بشروط ترخيص محددة. وأكد مسؤولان في شركتي محروقات يُعتقد أنهما في طور التنافس على استيراد المحروقات من تركيا، إن هنالك الكثير من تجار المازوت ممن يقدمون طلبات لوزارة الاقتصاد للحصول على الترخيص المطلوب.
وقد تبدو هذه المعلومات فرصة للخروج من حالة الاحتكار الذي تمارسه شركة مقربة من “هيئة تحرير الشام”، اعتُبرت – على مدار سنتين-؛ المصدر الوحيد للديزل والبنزين والغاز الأوروبي.
لكن لا توجد معلومات موثقة حتى اللحظة عن وجود تنافس حقيقي حدث أو سيحدث قريباً، إذ لا تزال الشكوك تعتري هكذا إجراءات.
وبحسب “محمد دعبول” مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد التابعة لـ “الإنقاذ”، هنالك عدة شروط للحصول على ترخيص استيراد وتوزيع المشتقات النفطية أهمها “أن يكون صاحب الرخصة يعمل في مجال المشتقات النفطية منذ أكثر من خمس سنوات، وأن يكون للشركة سجل تجاري، ورأس مال لا يقل عن خمسة ملايين دولار، وأن تحتفظ الشركة بمخزون استراتيجي من المحروقات تحت تصرف الوزارة في حال حصول أزمات”، إضافة لشروط أخرى ذكرها “دعبول” خلال تعليق خاص بـ “اقتصاد” على خلفية أسئلة وجهناها للحكومة، تتعلق بوجود شركات أخرى تنافس شركة “وتد للبترول”، ومدى استفادة المستهلك من خروج ملف المحروقات من يد جهة واحدة.
مفاجأة
نهاية العام 2018 تأسست شركة “وتد للبترول” لتكون أول شركة تقوم باستيراد المحروقات الأوروبية من تركيا عبر معبر باب الهوى. وقّعت “وتد” عقداً مع شركة تركية لاستيراد الغاز المسال والديزل والبنزين بكميات كبيرة إذ تمارس الشركة ومنذ تأسيسها عملية توزيع هذه المواد إلى مختلف مناطق الجيب الذي يقع تحت إدارة حكومة “الإنقاذ” و”هيئة تحرير الشام”، ويشمل إدلب وما تبقى من ريفي حلب واللاذقية.
برز اسم شركة “كاف” منذ عدة أشهر كمنافس لشركة “وتد”، وسط اعتقاد سائد بأنها ليست سوى منافس وهمي لواحدة من أكبر استثمارات “هيئة تحرير الشام” في إدلب.
المسؤول في حكومة الإنقاذ “محمد دعبول” أكد وجود ترخيص رسمي من حكومته لشركة “كاف”. الجديد هنا أن لدينا شركة ثالثة حصلت على ترخيص رسمي من “الإنقاذ” مؤخراً، وتُعتبر منافساً حقيقياً لعملاق المحروقات في إدلب، بحسب تصريحات رسمية للأخيرة سنذكرها لاحقاً.
يقول “دعبول” إن الشركات المرخصة حتى اللحظة هي ثلاث شركات: وتد، كاف، والشهباء للمحروقات. وتضم هذه الشركات شركاء من تجار المحروقات وأصحاب رؤوس الأموال المعروفين في أسواق المحروقات في المناطق المحررة. فشركة “كاف” مثلاً مرخصة وتعمل في الشمال السوري منذ أكثر من عام. وشركة “وتد” هي الشركة الأولى ترخيصاً في هذا المجال وتقدمت بطلب للسماح لعرض جزء منها للاكتتاب العام. وشركة الشهباء هي الشركة الجديدة ضمن مجال استيراد وتوزيع المشتقات النفطية. والكلام هنا لمدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد التابعة لـ “الإنقاذ”.
أقل بقرشين
خلال حديثنا مع “محمد كيالي” مدير شركة “كاف” التي تأسست خلال العام 2019 وافتتحت أول فرع لها في سرمدا الحدودية، نفى كيالي المزاعم التي تنشر على مواقع التواصل الإجتماعي وفي الشارع، والتي تقول إن شركة “كاف” ما هي سوى فرع آخر لشركة “وتد”.
تختص شركة “كاف” ببيع الديزل والبنزين المستوردين، وتسعى وفقاً لـ “كيالي” إلى منافسة الشركات الأخرى حيث تبيع الشركة هاتين المادتين بسعر يقل قرشين عن باقي الشركات لليتر الواحد بهدف المنافسة.
يصر كيالي الذي يبدو متحمساً لمنافسة شركة “وتد” على أن عمله مستقل تماماً فهو لم يوقّع عقود شراكة مع أحد ولا ينتمي لأي جهة سواء كانت عامة أو خاصة، وفقاً لتعبيره.
وبالنسبة للمنافسة مع شركة “وتد”، فـ “هذا أمر طبيعي في السوق”. يقول كيالي أيضاً.
“وتد”: “نحن جادون في التنافس”
كما هو متوقع، كان تعليق مسؤولي شركة “وتد” حول قضية المنافسة مغلّفاً بالحديث عن تحسن مرتقب في أسعار المحروقات سيكون طبعاً، من صالح المواطن، وذلك “بعد دخول شركات جديدة على الأرض”.
“وتد للبترول” وعلى لسان مدير علاقاتها العامة “صفوان الأحمد” تحدثت عن وجود منافسة بينها وبين شركة “كاف” في مادتين فقط، هما البنزين والديزل، كون الأخيرة تختص بهاتين المادتين فقط.
أما شركة “الشهباء للمحروقات” فهي الشركة الجديدة التي دخلت ضمن سياق هذه المنافسة وتعتبر “المنافس القوي لشركتنا وذلك كونها تبيع نفس المواد التي نبيعها”، يعلّق الأحمد، ويضيف: “ندخل خط المنافسة بشكل جدي مع هذه الشركات”.
نفى “الأحمد” وجود صلة لهذه الشركات ببعضها. “بل على العكس تماماً.. اليوم بدأت المناحرات بين هذه الشركات. وكل شركة لها مالك منفرد بشركته دون أي صلة مع الأخرى. وهم من تجار المازوت القدامى”، على حد قوله.
ماذا أيضاً؟
لم يحدث أي تغير إيجابي ملموس في أسعار المحروقات على الرغم من حديث الجميع عن وجود منافسة جادة. فلا تزال أسعار المحروقات مرتفعة كما يتحدث مواطنون. ولا تزال النشرات اليومية التي تبثها “وتد للبترول” متداولة كل صباح بين مختلف سكان إدلب.
تقول “وتد” إنها بصدد دراسة جديدة لطرح أسعار منافسة في السوق. بينما لا يمكن الجزم في قدرة سياسة “القروش الضئيلة” التي تنتهجها “كاف” على تخفيف أثقال مواطني إدلب الذين يواجهون الحياة بأدنى المقومات.
على أن هناك المزيد من الشركات الجديدة ستدخل على خط المنافسة في الأيام القادمة.. يزف مستوردو البترول الكبار، هذه البشرى.
وفي انتظار تحرير السوق من قيود الاحتكار؛ يعيش آلاف السكان.