يبحث “خالد” عمن يشتري منه حصته من التدفئة الشتوية لأنه لا يملك ثمنها، وأما عن أطفاله الصغار فإن طريقة تدفئتهم كما يقول: “لكل واحد حرام صوف”، وهو ليس الوحيد فأغلبية الفقراء لن يتمكنوا من دفع 40 ألف ليرة ثمن 200 لتر مازوت إن حصل عليها، وعليهم أن يبحثوا عن وسائل أخرى للدفء.
الدور لمن يدفع أكثر
“فواز” من حي كفرسوسة باع حصته بـ 20 ألف ليرة، والمقصود بالحصة هو دور التعبئة الذي يستلمه بموجب البطاقة الذكية، ويقول لـ “اقتصاد”: “هناك من يحصل على سعر أفضل حسب الزبون فمن لديهم الامكانية يشترون أدوار الفقراء كل حسب قدرته”.
حظ “محمود” من ريف دمشق الغربي كان أفضل من “فواز”، فقد باع دوره بـ 30 ألف ليرة، وأما الزبون فهو شرطي البلدية، وهؤلاء حسب “محمود” لديهم مصادر رزق كثيرة: “شرطة النظام مرتشية وتقبض من تجار المخدرات والحشيش واللصوص لذلك بإمكانهم شراء ما يلزمهم كما أنهم يقومون ببيعه بأسعار أغلى في السوق السوداء ولا أحد يجرؤ على محاسبتهم”.
ولأن البعض لا يثق بأن يتم التوزيع بسبب سياسات النظام يلجأ هؤلاء المشترين لدفع نصف ثمن الدور والباقي عند التعبئة، وفي هذا الصدد يقول “جميل”، وهو تاجر من سكان جديدة عرطوز بالريف الغربي للعاصمة: “في السنة الماضية اشتريت دور من أحد المواطنين ولكن لم يتم توزيع الدفعة الثانية وخسرت المبلع وهذا حصل مع الكثيرين”.
اللتر الحر بـ 1200 ليرة
المشكلة ليست في الذين يبيعون ويشترون وفقاً لحاجاتهم بل في أغلبية ساحقة لم يصلها وقود التدفئة أو استهلكت الدفعة الأولى، والبديل فقط هو السوق السوداء، وهنا على حد رأي “أبو سامح”، الطامة الكبرى.
يقول “أبو سامح” لـ “اقنصاد” شارحاً مأساته مع هجمة البرد الجديدة: “النظام لا يوجد لديه مازوت والبرد لا ينتظر التوزيع، والـ 100 لتر التي استلمتها انتهت منذ أسبوع وفي رحلة البحث في السوق سعر اللتر 1200 ليرة أي أن الـ 100 لتر بـ 120 ألف ليرة، وهذا رقم يعجز عنه الموظف والعامل وحتى التاجر الصغير”.
بين مضطر لبيع مخصصاته والبحث عن بدائل أرخض، ومضطر آخر لشراء هذه المخصصات أو البحث في السوق السوداء، يعيش السوريون في العاصمة وريفها على أمل شتاء أقل برداً أو فرج من الغيب قد يضع حداً لآلامهم التي لا تنتهي.