تطور جديد طرأ على التنقل بين العاصمة وريفها، حيث لا خط واحد للوصول إلى العاصمة من ريفها الغربي، وهكذا يجب على المواطن أن يستقل وسيلتي نقل للوصول إلى عمله، وهذا ما يترتب عليه وقت طويل ومتعب ونفقات مضاعفة.
المرحلة الأولى
يشتكي أهالي ريف دمشق الغربي وبالخصوص مدينة قطنا من توقف خط المواصلات من مدينتهم إلى العاصمة بسبب عدم توفر المازوت، وكذلك جشع السائقين الذين يفضلون الوصول إلى نقاط قريبة يتركون فيها الركاب الذين يضطرون لأخذ سرفيس آخر إلى دمشق.
“محمد” من سكان قطنا -موظف بوزارة الادارة المحلية- يقول لـ “اقتصاد”: “الذهاب إلى العمل عقوبة يومية فالسرفيس يصل فقط لجديدة عرطوز وهنا تبدأ المعاناة الثانية بانتظار سرفيس يقلك إلى الشام حيث الزحام الشديد والتأخر عن الدوام”.
أما عن الشأن المادي، فالأمر يتعدى إمكانات أي موظف حكومي أو حتى عامل في القطاع الخاص. يقول “محسن” -عامل في مشغل خياطة بدمشق-: “في أغلب الأحيان لا تتمكن من ركوب السرفيس والبديل هو التكسي الجماعي الذي يأخذ حسب المزاح ما بين 500- 1000 ليرة”.
المرحلة الثانية
من جديدة عرطوز إلى دمشق، المعاناة لا تتوقف على سكان مدينة قطنا، بل إن بعض سكان قرى جبل الشيخ وصحنايا يقصدونها على اعتبار أنها تتوسط الطريق إلى العاصمة حيث تبعد عنها حوالي 15 كيلومتراً.
أما عن الأجرة التي يدفعها المواطن، فيقول خالد، أحد سكان الريف الدمشقي: “الازدحام يدفع السائقين إلى استغلال المواطن المضطر للذهاب إلى عمله والأجرة تتفاوت بين وقت الذروة والأوقات العادية. ففي الصباح وعند نهاية الدوام تصل الأجرة إلى 250 ليرة للراكب الواحد”.
تكلفة الوصول للعاصمة تحتاج إلى راتب الموظف دون أن يكترث بذلك أحد ولا تعويض حكومي ولا مواصلات يتم تأمينها حسب ما يصفه “محمود” بمبدأ (دبر راسك): “مديري في العمل قال لنا بالحرف الواحد دبروا راسكن نحنا ما بنقدر نعمل شي”.
البعض يتدبر أمره بالركوب مع جاره الميسور لأيام قليلة يوفر فيها بعض الوقت والمال وآخرون توافقوا على الركوب مع موظف لديه سيارة ينقلهم مقابل أجرة أقل تؤمن له ثمن البنزين للذهاب إلى عمله.
الغوطة الشرقية.. مواصلات بالصدفة
من النشابية إلى دمشق، لا مواصلات في أغلب الأحيان، وأما السائد فهو النقل بالصدفة، إذ من الممكن أن تستقل سيارة عابرة أو سرفيس استطاع تأمين كمية من المازوت، أيضاً بالواسطة.
“جمال” من سكان مرج السلطان يقول عن سبب أزمة النقل بالغوطة لـ “اقتصاد”: “السبب الرئيسي هو عدم توفير المازوت وعندما تأتي كمية محدودة يقوم سائقو السرافيس ببيعها أفضل من العمل والتعب”.
سائقون يردون على ذلك بأنهم لا يبيعون مخصصاتهم، وفق ما يقوله “سامر”: “المخصصات القليلة نعمل بجزء منها والباقي يلزمنا في البيوت من أجل التدفئة فنحن أيضاً لدينا عائلات لم تصلها مخصصات التدفئة”.
الحال تشي بأن الجميع على حق، وأن سبب المأساة الحقيقية هي في النظام الذي أوصلهم جميعاً إلى ما هم عليه من جوع وفقر.