ياسمين! أسماء في درعا.. غسل الدم بالدم

· تسارع تحركات “أسماء” في هذا الباب مرتبطة بشكل أو بآخر بالمشهد الذي يريد متنفذون ومخططون رسمه لسوريا بعد عقد كامل من القتل والتدمير والتهجير.
لايعرف بالضبط من الذي ألصق اسم الوردة البيضاء الفواحة باسم زوجة الديكتاتور المجرم، لكن المعروف أن أسماء الأسد، استخدمت “الياسمين” ليس كملحق باسمها فقط، باعتبارها “سيدة الياسمين”، وإنما كغطاء لإخطبوط نشاطاتها، التي تشكل منفذا “مناسبا” لغسيل جزء من أموال الفساد الضخمة، وأداة لترسيخ صورتها ونفوذها على حساب محيط واسع من الفقراء والمعوزين، تحت اسم النشاط “المجتمعي” و”الخيري”.
ولأجل هذا تفتق ذهن الفريق المحيط بأسماء عن فكرة تأسيس “مراكز الياسمين المجتمعي”، وجعل نشاطها يمتد على مساحات جغرافية جديدة، لا الاكتفاء بمناطق الموالاة القحة، كما كانت تفعل “جمعية البستان” العائدة لخصمها اللدود “رامي مخلوف”.
ولم يعد يخفى أن نشاط أسماء في هذا الباب، لم يكن له أن يتمدد لو نجاحها في قصقصة ريش “مخلوف” والحجز على أمواله، والسيطرة على أذرعه وأدواته، وفي مقدمتها “البستان”، ولكن الذي قد يكون خفيا أن تسارع تحركات “أسماء” في هذا المجال مرتبطة بشكل أو بآخر بالمشهد الذي يريد متنفذون ومخططون رسمه لسوريا بعد عقد كامل من القتل والتدمير والتهجير.. مشهد تحل فيه صورة “سيدة الياسمين” الباسمة، مكان صور “الأسد” العبوس، لكن دون المساس بجوهر النظام.
وهنا يقع العبء الكبير على أسماء وفريقها (وبمباركة ودعم من مؤسسات خارجية)، من أجل تبديل “طربوش” التحكم والسيطرة، ونزعه لفترة عن رأس القوة العسكرية الخشنة (التي استنزف الكثير منها أصلا) لوضع ذلك الطربوش على رأس “اللقمة”.. لقمة الناس بمعناها الحرفي، الذي يتعلق بالبطون الجائعة.
هنا ينجلي التركيز الفظ والاستغلال الدنيء لغريزة يتشارك فيها كل الناس، حاكمهم ومحكومهم، فقيرهم وغنيهم، بسيطهم وداهيتهم.. ولكنها -وهذا ما قد يغيب عن ذهن “أسماء الأسد” وتابعيها- غريزة يجري ترشيدها وضبطها لدى كرام الناس، بخلاف غيرهم ممن ينقضون على أي لقمة تقدم لهم حتى ولو كانت مغمسة بالذل والعار.
ومع ذلك، فإن “أسماء” ما تزال مصرة على أنها ستكسب معركتها التي أطلقتها قبل عام في ريف درعا، معولة على سياسة الإفقار التي عمقها الأسد خلال الشهور الفائتة بشكل غير مسبوق، مستظلا بحجة جاهزة ومطاطة اسمها “العقوبات الدولية”.
وبناء على مخطط هذه المعركة، فإن كرامات الناس الذي كانوا أول من أطلق صيحة “الموت ولا المذلة” في ساحات تظاهراتهم، يمكن أن تتلاشى أو تخفت تحت ضربات الجوع الكافر، لاسيما إذا ما امتدت في نفس الوقت يد أحدهم بلقيمات.. وعند هذه النقطة الحرجة، يمكن أن يتحول من يمد يده بـ”المعونة” إلى بطل ومنقذ، بل ربما إلى قديس يستحق التبجيل، حتى وإن كان تاريخه وحاضره مليئا بالموبقات.
التنظير على الناس سهل، والواقع –على خلافه- شديد الصعوبة والتعقيد والمرارة، وعندما تتحدث أسماء الأسد مؤخرا عن “مراكز الياسمين المجتمعي”، بمناسبة مرور عام على إطلاقها في ريف درعا، فهي تعي ما تقول وتفعل، لاسيما عندما تشدد أن هذه المراكز “ستصل بكل تأكيد إلى أهدافها السامية!”، وأي هدف أسمى من بقاء عائلة الأسد، وإن كان تحت غطاء من “ياسمين” و”سيدة” تحمل لقبه.
تعدد زوجة الديكتاتور أسماء قرى من حوران منّت على 150 ألفا من سكانها بـ”خدمات طبية واجتماعية”، عبر مراكز ياسمينها المفعم برائحة البارود وحشوات البراميل، التي سقطت طوال 8 سنوات على رؤوس أهل تلك القرى “المستفيدة” وغيرها من القرى.
ومع ذلك تبدو مهمة “أسماء” معقدة جدا في حوران، فهي:
أولا- تريد إقناع الناس هناك أن “نجاحهم في تجاوز آثار الحرب، هو تحد كبير لهم ولكل السوريين الذين يتطلعون اليوم نحو غد أفضل ومستقبل مليء بالحياة”، دون أن تنبس ببنت كلمة -ولو عرضا- عن الحاضر الأسود، الذي يفترض أن يكون الأب الشرعي للمستقبل “الأفضل” حسب وصفها، تماما كما إن الماضي المظلم هو الأب الشرعي للحاضر.
ثانيا- تقيس بنفس المسطرة، التي استخدمتها وتستخدمها في مناطق قدمت للأسد ولأجل بقائه معظم ذكورها، فيما جادت حوران بفلذات أكبادها لإسقاطه.
ثالثا- تتعاطى مع ناس يدركون بفطرتهم أن الثوب النجس لا يمكن أن يغسل بماء نجس، فكيف إذا كان المجرم يصر على أن يغسل بالدم ثوبه الذي يقطر دما؟!

Recent posts