أدخلها مزارع عشريني إلى إدلب.. أزولا تفتح كوة أمل على تخفيض أسعار اللحوم والألبان

بعد أن بات الشح والغلاء صفة تعم مساحة واسعة من سوريا، صار البحث عن حلول مبتكرة الشغل الشاغل لمن يريدون الحفاظ على مورد رزقهم وازدهار أعمالهم، تماما كما هو حال شاب عشريني كان خياطا بالأمس وهو اليوم مزارع يطبق تقنية جديدة في سوريا.
فقد وجد المزارع “أيمن الإبراهيم” ضالته في طحالب تسمى “أزولا”، كحل مناسب واقتصادي يضمن له تغذية مواشيه وطيوره، بدل أن يدفع أمولا طائلة لتأمين العلف التقليدي لها، حسب وكالة “فرانس برس”.
ويواظب المزارع (25 عاما) على استنبات “أزولا” في أحواض مائية شيدها بنفسه في مزرعته الصغيرة في بلدة كفر تخاريم بريف إدلب.
كان “الإبراهيم” يعمل في السابق خياطا في حلب، ولكن ظروف التهجير والحرب لم تتح له أن يواصل ممارسة مهنته، فانتقل إلى تربية المواشي والدواجن، ولكنه صدم بالارتفاع الشديد والمتواصل بأسعار الأعلاف، ما جعله يخشى توقف عمله وفقدان مورد رزقه.
وفي هذه الظروف الصعبة، بدأ “الإبراهيم” بالبحث الجاد عن علف قليل الكلفة، وبعد تصفح موضوعات متعلقة بالأمر على الإنترنت، تعرف المزارع الشاب إلى صنف من النباتات السرخسية، ولكنها لم تكن متوفرة في سوريا، ما رتب عليه السعي لاستيرادها.
ولم تنته القصة هنا، فقد مرت تجربة استيراد طحالب “أزولا” بعقبات كثيرة، جعلت الحصول عليها شاقا، لا سيما أنها لا تعيش طويلا خارج المياه، ويجب أن أن لا تتخطى عملية نقلها مدة 4 أيام.
وبناء على هذا العمر القصير لطحالب “أزولا” فقد فشلت 4 محاولات قام بها “الإبراهيم”، حيث كانت النبتة “تجف على الطريق وتموت قبل وصولها”، ومع ذلك لم يستسلم المزارع وحاول من جديد، فنجح أخيرا قبل أشهر في استيراد 10 كيلوغرامات فقط من “أزولا”، وسارع مباشرة إلى وضعها في الأحواض المائية التي أعدها مسبقا.
وكرس “الإبراهيم” جل وقته للعناية بنبتته الجديدة، حتى نمت وتكاثرت بالشكل المطلوب، وباتت توفر له ما يقارب 70% من إجمالي كمية الأعلاف التي تحتاجها حيواناته، أما النسبة المتبقية فيعوضها حاليا بالشعير والنخالة وأعلاف أخرى.
اللافت أن الطيور والمواشي التي يربيها “الإبراهيم” باتت تفضل وتطلب “أزولا”، فهي تعلم أنها تتغذى على نبات أخضر غض، وليس علفا جافا، وعليه خفضت “أزولا” على الشاب الطموح كلفة تغذية مواشيه إلى 100 دولار شهريا، بعد أن كانت تقارب 300 دولار.
“الإبراهيم” وبعد أن خبر مزايا “أزولا” بنفسه، لم يعد يكتفي بها لعلف مواشيه فقط، بل رفع سقف طموحه ووسع عمله، ليباشر بيع هذا العلف الجديد -وغير المعروف سورياً-  إلى المربين والمزارعين في محيطه.
يقول “الإبراهيم” إنه فتح باب بيع “أزولا” قبل شهر ونصف تقريبا، وفوجئ بالإقبال الكبير عليها، معقبا: “وصلت أزولا إلى إدلب في وقت كان مربّو المواشي بحاجة إليها، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التي تخطت تكاليفها مؤخرا مردود الحليب الذي تنتجه الأبقار”.
وهذا ما يؤكده مربي الأغنام عمر عشا (48 عاما)، الذي قرر خوض التجربة أيضا، ما أسفر عن توفير 60% من ثمن الأعلاف، قائلا إنه دفع ثمن “أزولا” مرة واحدة فقط عند شرائها، ثم قام بزراعتها فـتحولت إلى “علف مجاني متجدد”.
وتصنف “أزولا” بأنها نوع من الطحالب المائية التي تتكاثر بسرعة مدهشة، حتى إنها وزنها يتضاعف خلال 7 أيام فقط، وفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، وهي فوق ذلك نباتات غنية بالبروتينات تُستخدم لتغذية الحيوانات والأسماك في أجزاء مختلفة من آسيا.
وتراجع قطاع تربية المواشي في عموم سوريا، ومنها إدلب، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار اللحوم والألبان والأجبان، رافقه انخفاض متواصل في القدرة الشرائية للمستهلك، وعلى هذا الأساس فإن اعتماد وتعميم تجربة “أزولا” يمكن أن يفتح كوة أمل في جدار الواقع المعتم.

Recent posts