الإصلاح على طريقة العجيلي*

ستتعاظم مقترحات الحلول وجوائز ترضية السوريين تباعاً، كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة بسورية في نيسان/ابريل المقبل، لأن ملامح التخلي عن نظام بشار الأسد، دولياً وإقليمياً، لم تظهر بعد، بل ثمة مؤشرات وضغط، للإبقاء على نظام، أدى كامل الدور الوظيفي الموكل إليه، وأوصل أقصى حلم السوريين، توفير شروط المعيشة لا العيش الكريم. وأعطى بالإنابة عن كثيرين، دروساً قاسية لأي شعب يتمادى على حكامه، ويطلب الكرامة والحرية أو يطالب بتداول السلطة.
ورأينا وسنرى تباعاً، حملات الترقيع بالجسد السوري المنهك، إن على صعيد تطعيم المؤسسات ببعض بعض الكفؤين، كما حدث خلال مسخرتي التغيير الحكومي أو البرلمان، وربما يحدث بتوزيع فتات من كعكة الحكومة ومراكز القرار على المعارضة، أو على صعيد البنية القانونية والتشريعات، أو ما يمكن أن يصدر، قُبيل الاستحقاقات، على مستوى مراسيم عفو عام وتغيير شرطيّ الترشح للانتخابات الرئاسية، من إقامة مستمرة بسورية لعشر سنوات أو تأييد خطي من 35 عضوًا من البرلمان “بحسب المادة 84 من دستور 2012”.
والأرجح أن نرى، مساع نظرية وفتوحات قولية، لتطوير المناخات العامة بسورية، إن على صعيد مكافحة الفساد والعدالة الضريبية وجذب الاستثمار وأموال إعادة الإعمار، أو وعود تحسين الدخول ومعيشة المواطنين، بعد أن حقق الأسد الوريث، ما لم يحققه سواه، كإنجازات نهاية عام 2020، بعد أن أوصل سوريا والسوريين إلى المرتبة قبل الأخيرة بين الدول الأقل أمناً بالعالم بحسب معهد الفكر الدولي للاقتصاد والسلام، ووضع سورية بآخر قائمة الأكثر فساداً بحسب منظمة الشفافية، وأوصل البلاد إلى المرتبة 188 من أصل 195 وفق مؤشر الأمن الصحي، والمرتبة 174 من أصل 180 كأخطر دولة على حرية الصحافة بعد أن تبوأ المركز الأخطر بالمنطقة.
ووصل الإنجاز بأن تخرج سوريا بزمن حكم الأسد الابن إلى خارج التصنيف العالمي بجودة التعليم وفق منتدى “دافوس” بعد أن وصلت نسبة الأطفال خارج المدراس، وفق تقرير “يونسكو” إلى 39%.
وكل ذلك، من دون أن نأتي على استقدام الأسد لأربعة محتلين لسوريا، يسيطرون على مقدراتها وفق “الواقعية” بعد أن زادت (إنجازاته) بتأجير ورهن سورية لشركائه بالحرب، بموسكو وطهران، من التنافسية بين المحتلين، ليفكروا بأبعد من التقسيم أو اقتسام النفوذ. أو-الخسائر الأكبر- قتل واعتقال نيف ومليون سوري وتهجير نصف السكان.
قصارى القول: ثمة من بدأ يروّج للمنافسة خلال انتخابات الرئاسة، إلى جانب بشار الأسد، على اعتبار أنه فشل حتى بتأمين الخبز للسوريين، وأنه خسر حواضنه ومؤيديه ولا يمكن أن ينجح، خاصة، وفق هؤلاء، إن كانت الانتخابات برعاية الأمم المتحدة وليس فقط بإشرافها.
بذلك ووفق هؤلاء، سيغادر بشار الأسد كرسي أبيه، أو بالحد الأدنى، سيتم فرض المعارضة، كشريك بالحكم وعبر مواقع القرار والسلطات جميعها، فوقذاك، سيتم التصويب والإصلاح التدريجي، وذلك، أيضاً وفق تلك المنصات و”سياسي الدايت”، أفضل من الاستمرار بالحرب وتدمير مقدرات البلد وتهجير واستنزاف طاقاته.
متناسين أن مجرد هكذا طرح، تحت ذريعة يكفي وكنا عايشين وتعبنا، سيبعد نظام الأسد برمته عن المحاسبة، وتضيع حقوق أولياء الدم والمعاقين والمسروقين والمقهورين، ويؤسس لاستبداد أبدي وحكم عصابة وعسكر ووراثة لا ينتهي، ويؤصّل لاحتلال وسرقة الموارد، بالحد الأدنى 50 عاماً ريثما تنتهي اتفاقات الإذعان التي أبرمها ابن أبيه، مع داعميه بموسكو.
نهاية القول: العلة بالبعير الذي أوصل سوريا والسوريين إلى هاهنا، وليست بقوانين الاستثمار وتشريعات الضرائب، المشكلة بهذا الغادر الحقود، الذي أزهق وبدد واستنزف كل شيء، ليحافظ على كرسي الوراثة، كارثة السوريين بهذا الهامل الذي تركه العالم بلا لجام يحطم ويكسّر لعشر سنوات.
فإصلاح طريقة “بوله” لن تغير من ملامحه ولا تبدل من سلوكه، كما لا يمكن أن تبرِّئه من جرائمه، فهو كان أكثر بعران المنطقة التي ثارت عليهم شعوبهم، إجراماً ووحشية وابتعاداً عن الوطن وقاطنيه، والحل بالخلاص من وريث الغدر وليس بالتفكير بروتشه أدائه.
ألم يقلها شيخنا “العجيلي” بأحد قصصه، حينما سأل تلميذ معلمه: لماذا يبول البعير للخلف، على خلاف كل الكائنات؟

رد المعلم، ألم تلاحظ أن لهذا الحيوان رأسا صغيرا على جسد هائل، ذيل مبتور وحدبة كبيرة، فم مشقوق وشفتان مترهلتان وأذنان قصيرتان…أي تناسب ومعقول رأيته بالبعير، ليبول كما بقية الحيوانات.

Recent posts