تتبدّى في أعمال الفنانة التشكيلية الشابة “آلاء القداح” ملامح فنانة تعرف ما تريد في زحمة التجارب الفنية وفي زمن يرسم فيه الكثيرون، وفي لوحاتها التي عرضت منذ أيام في “مؤسسة أربد أجمل للتدريب والتطوير” تحت عنوان “لمسات أمل”.
تمزج الفنانة “آلاء” بين مدارس فنية عدة كالتعبيرية والواقعية والرمزية بتقنيات وأساليب مختلفة تدل على امتلاكها ناصية الإبداع.
منذ سن مبكرة من عمرها بدأ شغف “آلاء” بالريشة والألوان وتميزت بين أقرانها في المدرسة الابتدائية أثناء حصص الرسم، وعندما كان ينتابها ملل في الصف كانت تخربش على الورق خطوطاً وتشكيلات عفوية كانت بالنسبة لها نوعاً من الهروب من المواد التي لا ترغب فيها -كما تروي لـ”زمان الوصل”- مضيفة أن معلماتها كن يطلبن منها أن تكتب خلاصة للدروس فكانت تقص صوراً من المجلات للصقها في هذه الخلاصات، وكانت الكاتلوجات التي تقوم بتنسيقها وجمعها تحوز على رضى الآنسات والمشرفين، وتم اختيارها فيما بعد كرائدة في الرسم على مستوى مدرستها في مدينة “الحراك” ومستوى المحافظة.
وأردفت أنها شاركت بعد ذلك في مسابقات الرواد على مستوى القطر السوري في معسكرات الطلائع، وفي الصف السادس حصلت على شهادة تميز في هذا المجال وأكملت الدراسة إلى الصف الأول الثانوي ولكن ظروف الحرب لم تكن في صالحها -كما تقول- فتركت الدراسة ولجأت مع عائلتها إلى الأردن عام 2013، ولم تتمكن في موطن اللجوء من إكمال دراستها ولكن شغفها بالفن لم يتوقف -حسب قولها- بل استمرت في تنمية موهبتها ومتابعة الرسم بمفردها دون مساعدة أحد سوى تشجيع عائلتها، وتعرفت بعد ذلك على أشخاص لديهم تجارب في المعارض الفنية المحلية فشجعوها على إقامة المعارض، حيث شاركت في أكثر من معرض ومنها معرض “مركز سوريات عبر الحدود”، وكانت مشاركة ناجحة وفي مهرجان “فرحة وطن” ومعرض “مركز الليوان للثقافة والفنون” كما شاركت في “منتدى رواد الشمال الفني الشامل” والمعرض الأخير الخاص كان بعنوان –لمسات أمل- الذي تضمن العديد من اللوحات التعبيرية.
وتبدو رسومات “آلاء” إلى حد ما تأملية هادئة لا تثير الاصطدام مع الواقع أو لا تحاول أن توخزه وحول هذه الفكرة وهل تتقصد ذلك أجابت: “أنا لا أحملَّ أعمالي أفكاراً أو هموماً أكبر من طاقتي وهناك توازن بين قدراتي وبين العمل الذي أقدم عليه لذلك لا أستطيع أن أحمّل هذه الأعمال أكثر من وسع طاقتها أو مما تحتمل وليس لدي التزام بقضايا أرى نفسي عاجزة عن حلها، والفن بالنسبة لي هو نوع من الوحي الخفيف لذلك لا أتصنع وحيي ولا أتقصد لحظة الإبداع”.
وحول ابتعاد لوحاتها عن أجواء الفجائعية والدم الذي بات يطغى على الكثير من تجارب فنون الثورة وأين الحرب والثورة مما ترسم أشارت الفنانة إلى أن معظم رسوماتها في بداية مشاركاتها بالمعارض كانت عن الثورة وكل من كان يرى هذه اللوحات يشعر بالحزن والأسى، ولكنها لاحقاً أحبت -كما تقول– أن تغير من أسلوب وأجواء لوحاتها وتضمنها شيئاً من الأمل والتفاؤل ومن هنا جاءت تسمية معرضها الأخير “بسمات أمل”.
وأردفت محدثتنا أن الحياة ليست كلها حزن ويأس فلديها –كما تقول- ثقة بأن سوريا ستتعافى وتعود أفضل مما كانت.
واستدركت أن ملامح الحزن لازالت تطغى على عوالم لوحاتها كتعبير عما نمر به من ظروف صعبة.
وتضمن المعرض الذي ضم 12 لوحة أعمالاً تعبر عن الأمل وأخرى عن المأساة السورية وأعمالاً أخرى مستقاة من الطبيعة والطبيعة الصامتة ومواضيع أخرى مختلفة ومتنوعة في مضموناتها، ولفتت آلاء إلى أنها تهوى رسم الورود وتميل إلى المواضيع الحزينة والمعبرة كما في لوحتها “السقوط من العين” وتتوق لأن توصل لوحاتها الفكرة دون شرح بمجرد النظر إليها.
وعبّرت “آلاء” عن طموحها اللا محدود أن تكون فنانة مميزة يسجل اسمها في ذاكرة الفن العربي وأن ترفع اسم بلدها سوريا الجريحة بعد أن تستعيد عافيتها في المحافل الدولية وستستمر في تطوير أدواتها الفنية وتجربتها عموماً إلى الأفضل.