بغداد.. السرية والاحتراس الشديد يحيطان بحانة يديرها لاجئ سوري

قالت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية إن سورياً لاجئا في العراق، بات من بين القلائل الذي يديرون نشاطا سريا في العاصمة بغداد، يهدف إلى تقديم الخمور في حانة افتتحها مؤخرا، وعمل على انتقاء “زبائنها” بحرص شديد، مخافة أن يتعرض هو أو الحانة لهجوم مسلح.
تقرير الوكالة قال إن المبنى الذي تقع فيه الحانة، لايختلف عن كثير من المباني المتهالكة في بغداد، وإنه يبقى هادئا ونوافذه مغلقة، حتى يحل المساء، حيث يفتح أحدهم باب المكان بوجود حراس مهمتهم تفتيش الداخلين، ومطابقة أسمائهم مع قائمة سبق أن أعدها مدير الحانة، السوري “علاء”.
“علاء” الذي يخشى على نفسه وعلى حانته، رفض الإفصاح عن كامل اسمه، ملخصا رؤيته للحانة التي يشرف عليها بالقول إنها مكان سري “يمكن أن يكون بمثابة ملجأ للزبائن الراغبين في التهرب من وصمة شرب الكحول في مجتمع من الأغلبية المسلمة المحافظة”.
يتحدث “علاء” وفي مخيلته صور استهداف محلات الخمور من قبل مجموعات مسلحة، قائلا: “هذا المكان ليس للجميع. نحن نعيش في خوف، لكن عليّ أن أتحمل ذلك. إنها وظيفتي. عليّ أن أحمي العمال هنا، وكذلك زبائني”.
“علاء” الذي قدم للعراق بل نحو سنة، رأى بالمقابل أن الحانات التي تعرضت لهجمات مسلحة تتحمل المسؤولية، لأن أصحابها أعلنوا عن نشاطهم للجميع، بينما يفضل هذا السوري القادم من السويداء أن تبقى حانته مقصورة على عدد محدد من الزبائن يتواصل معهم شخصيا، قبل أن يسمح لهم بحجز مكان في الحانة.
ورغم تردي الوضع الاقتصادي في العراق، وتراجع قيمة الدينار، وما فرضته جائحة “كورونا” من إجراءات، فإن “علاء”، على قناعة بأن هناك “الكثير من الناس هنا لديهم المال”، أما عن مصدر ذلك المال، أهو قانوني، أم لا، فهذا لا يهم من وجهة نظر علاء.
وبداعي الاحتياط الشديد يتابع “علاء” الأشخاص الداخلين والخارجين عبر  كاميرات مراقبة تعمل ليلا ونهارا، كما إنه لايقبل الإعلان عن حانته للملأ، بل يكتفي بالتواصل الشخصي، وعلى نطاق محدد، وعليه فإن الراغب في القدوم للحانة ينبغي أن يبعث لعلاء رسالة نصية مباشرة تتضمن رغبته بحجز مكان.
“علاء” يعرف جميع زبائنه بأسمائهم، وهو فوق ذلك ينبههم إلى عدم إحداث ضجة أو إثارة المشاكل، وإذا ما خرق أحدهم هذه القواعد فإن اسمه يضاف إلى “القائمة السوداء”.
“علاء” المستقر حاليا في بلد هش أمنيا، سبق له أن عاين بشاعة الحرب في سوريا، قائلا إنه يتذكر أصوات المقاتلات الحربية وهي تحلق أثناء إتمامه الامتحانات في جامعة دمشق، كما يتذكر هجوم مجموعات من تنظيم “الدولة” على عدة مناطق في السويداء.
يقول “علاء” الذي عمل أيضا في لبنان: “مررت بكل الأزمات في المنطقة، سوريا ولبنان والعراق. تعلمت من كل هذه الأزمات درسا واحدا فقط: وهو اكسب، قبل أن تنفق”.
“علاء” يرى أن حياة الليل والحانات تسري بدمه، والعمل في هذا المجال هو الشيء الذي يتقنه، والذي مارسه في حانات بيروت، قبل أن يصبح بقاؤه في لبنان مستحيلا لعدم تمكنه من تجديد إقامته.
وعندما عاد إلى السويداء، أشار عليه أحد أقاربه بالتوجه إلى “بغداد”، حيث وجد الكثير من السوريين عملا. وينقل التقرير عن علاء قوله إنه كان يومها أمام خيارين، إما التوجه على بغداد للحصول على عمل وإما المخاطرة بالذهاب في رحلة بحرية غير مضمونة لطلب اللجوء في أوروبا، وقد اختار “علاء” بغداد، مبررا: “لا يمكنني أبدا قبول أن أصبح لاجئا وأن أعيش حياة دون كرامة وحرية”.

وفي بغداد، وجد “علاء” فرصته لافتتاح الحانة التي يديرها اليوم بمنتهى السرية، والتي يحقق منها عائدات تقارب 5 آلاف دولار في الأسبوع، تنعكس حسب رأيه على معيشة أهله الذين ما زالوا في السويداء، ومن بينهم والدته وشقيقته.

Recent posts