لم يكد يمضي سوى أسبوعين فقط على انكشاف فضيحة ألفي طن من الشاي الإيراني التالف، حتى سقط القناع عن ملف إهمال وفساد آخر يخص غذاء السوري، الذي عز كثيرا لغلائه ولطول الطوابير الناشئة في سبيل الحصول عليه.
فقد تبين أن النظام خزن كميات كبيرة من الزيت في مدينة حمص، حتى فسدت ولم تعد صالحة للاستهلاك، في وقت يبحث فيه الناس عن هذه المادة وغيرها، ويهينون “نفوسهم وفلوسهم” للحصول عليها، أسوة بكثير من الأغذية الأساسية، وفي مقدمتها الخبز.
اللافت أن من تحدث عن كميات الزيت المخزنة في حمص، هو وزير التجارة “طلال برازي” الذي كان عند تخزينها محافظا لحمص، أي الحاكم الفعلي لها، وممثل رأس النظام في هذه المحافظة الأكبر من حيث المساحة في عموم سوريا.
فقد وقف “برازي” ليبرر أمام “مجلس الشعب” التابع للنظام قائلا إن المخزون المكدس من عام 2017 في حمص، هو عبارة عن كميات زيوت تم تجميعها من طرطوس وحماة، موضحا أنها لم تعد صالحة للاستهلاك (لم تعد تخصع للمواصفات القياسية، حسب قوله)، وهذا ما يستدعي إرجاعها لمعمل الزيت لإعادة تكريرها، والنظر في إمكانية بيعها.
وزير تجارة النظام، وكعادة كل مسؤوليه عند ظهور أي ملف فساد مها كبر حجمه، سارع للتقليل من الأمر وتصويره بأنه “موضوع فني”، مؤكدا أن الكميات التي لا تباع من الزيت، سوف تعاد إلى مصدرها (التاجر أو المعمل).
وإزاء فضيحة الزيت وتعامل النظام معها بهذا الشكل، ثارت ثائرة كثير من الناس الذين يعيشون تحت سلطة الأسد عند سماع الخبر وتبريرات الوزير، معتبرين أن القضية عبارة عن إهمال فاقع وهدر للمال العام، علاوة على كونها حرمانا ممنهجا للناس وتجويعا لهم.
وتساءل بعض الناقمين عن مغزى تكديس كميات كبيرة من الزيت في المستودعات حتى تفسد، فيما يدعي النظام شحا في كل شيء، ويذل الناس بالطوابير للحصول على السلع “المدعومة”، أو يضطرهم لدفع أثمان هذه السلعة أو تلك أضعافا مضاعفة لشرائها من السوق السوداء.
ومطلع الشهر الجاري، أعلن النظام رسميا عن “مزيداة علنية” لبيع 2000 طن من “الشاي الإيراني المنتهي الصلاحية”، ما أثار موجة غضب عارمة في أوساط الطبقات الفقيرة، وهم يرون النظام يهدر مليوني كيلو من الشاي، في وقت وصل سعر الكيلو الواحد من هذه المادة إلى نحو 15 ألف ليرة في الأسواق.