في ذكرى مجزرة الساعة.. شاهد يكشف سر مشاركة عناصر من حزب الله في اعتصام حمص

في مثل هذه الأيام من كل عام تتداعى ذكرى اعتصام الساعة الجديدة في حمص والمجزرة الأليمة التي أفضت إليها، وكانت بداية لانتفاضة المدينة عن بكرة أبيها ضد نظام الأسد الذي اختار النار والبارود في قمع الحراك السلمي وزج بشبيحته في صفوف المتظاهرين السلميين للدعوة إلى الجهاد وليوحي للعالم بأن الثورة ضده هي ثورة إرهاب وتطرف.
وروى الناشط “معتز الزيدي” الذي كان أحد المشاركين في الاعتصام لـ”زمان الوصل” أن أجهزة الأمن قتلت يوم 17/ 4/ 2011، سبعة شبان في “حي باب السباع” أول الأحياء الثائرة على النظام، فشيعهم أهل المدينة في اليوم التالي إلى مقبرة “الكتيب”.
وأضاف أن مئات الآلاف اعتصموا عند ساحة الساعة الجديدة في حمص في اليوم التالي 2011/4/18، حيث شهدت ساحة الساعة إلقاء كلمات عديدة طالبت بتحقيق شعارات الثورة في الحرية والكرامة ووحدة الشعب السوري.
وأشار محدثنا إلى أن مقتل الشبان السبعة كان شرارة الثورة ضد النظام القاتل لتندلع بعد مواراتهم التراب المظاهرات العارمة في جميع أنحاء حمص، وأدرك أهالي المدينة -كما يقول – بأن الدم سقط ولن تهدأ النفوس إلا برد المظالم ورفع الظلم وإقامة العدل.
واستدرك أن مظاهرات الحماصنة حينها كانت هادرة في كل حي وشارع وكان المتظاهرون -حسب قوله- يهتفون بصوت واحد (عالجنة رايحين شهداء بالملايين) (الله وسوريا وحرية وبس) (واحد واحد واحد الشعب السوري واحد)، وكانت المدينة في كل أنحائها تضج بذلك الصوت الصلب لأن الشعب في حمص أدرك بأنه سيدفع فاتورة كبيرة في خروجه وبأن الشهداء السبعة كانوا البداية فقط.
بعد الصلاة على شهداء “باب السباع” في “الجامع النوري الكبير”، كانت الوجوه تشتعل بالغضب وكان الجميع يرون بأنهم مشاريع شهادة.
وروى المصدر أن موكب التشييع اتجه إلى مقبرة “الكتيب”، وبعد دفن الضحايا بدأت تعلو الأصوات (ع الساعة ع الساعة)، وكانوا يقصدون الذهاب إلى مركز المدينة، وهنا كان لا بُدّ لهم بالمرور من حي “الحميدية” ذي الغالبية المسيحية الذين بدأوا برش قطرات الماء ليطفئوا حرارة الجو في مثل هذا اليوم ونثروا الرز وهي تحية لا يُحيّى بها إلا الأبطال، حسب قوله.
وكشف المصدر أن بعض المتظاهرين أثناء مرورهم بشارع “الحميدية” الرئيس حاولوا الدخول إلى شعبة “المدينة للحزب” فتم منعهم من بعض العقلاء، وذلك لعدم تخريب أي مؤسسة من مؤسسات الدولة.
وانتقلت الحشود الضخمة التي شارك شخصيات معارضة من كل الطوائف إلى الساعة القديمة في حمص فامتلأت الساحة ما بين الساعة القديمة والساعة الجديدة بآلاف المتظاهرين الذين كان يقدر عددهم بمائة ألف في مشهد  أثار الخوف والرعب لدى جميع أركان الدولة.
وكشف “الزيدي” أن قائد شرطة حمص حينها وقف أمام مبنى قيادة الشرطة وقال للحشود بالحرف الواحد: (بدكم تتظاهروا روحوا تظاهروا بس ما تقربوا علينا وإلكم علينا بإنو ما حدا يقرب عليكم من جهتنا).
وبدأ بعدها الاعتصام حول ساعة “كرجية حداد” والشوارع المحيطة بالساحة وكان المشهد كما يقول محدثنا مبكياً من روعته لكبار السن ممن عاشوا أحداث الثمانينات بعد سنوات من القبضة الحديدية التي أمسك النظام فيها البلاد كما كان المشهد مبهجا للشبان أيضاً.
وتمت إحاطة الاعتصام بسياج بشري لمعرفة من يدخل ويخرج منه منعاً لدخول أناس غرباء يمكن أن يخربوا الاعتصام.
ومضى “الزيدي” سارداً تفاصيل الاعتصام الذي شهدته ساحة الساعة آنذاك ففي الساعة العاشرة والنصف من مساء ذلك اليوم دخل إلى الاعتصام من جهة المتحف ثلاثة أشخاص غرباء يرتدون جلابيات بيضاء قصيرة، ولهم ذقون طويلة وجلسوا في وسط الاعتصام، وبدؤوا -كما يقول- بترديد عبارة “حي على الجهاد”، مطالبين المعتصمين بالانتقام من الأمن، وحاول المتظاهرون إيقافهم فهرب اثنان منهم وتم إلقاء القبض على الثالث الذي تمكن من الفرار وحينها سقط جزدانه وجواله من جيبه وبعد فتح الجوال اتضح أنه أحد عناصر “حزب الله اللبناني” تم إرساله مع رفيقيه لتخريب الاعتصام والإيهام  بأن الثورة سلفية.
لم تعكر هذه الحادثة أجواء الاعتصام التي كانت مفعمة بالحماس والهتافات والفرح ولم يتوقع المعتصمون أن يفتح النظام نار حقده عليهم ليقتل العشرات منهم وربما المئات.
واستعاد “الزيدي” تفاصيل ما حدث فقبل  المجزرة بربع ساعة -كما يقول – طلب الشيخ “سهل جنيد” فض الاعتصام لوصوله معلومات بأن الجيش جاء بعدّته وعتاده لفض الاعتصام بالقوة ولكن المعتصمين رفضوا ذلك وبعد نصف ساعة بدأوا يسمعون أصوات سيارات الزيل المحملة بعشرات العناصر الذين هاجموا المعتصمين من جهة المتحف وهم يرددون (الله سوريا بشار وبس) وبدأوا بإطلاق النار على المعتصمين بشكل مباشر، ولضخامة الأعداد كان المتظاهرون يفرون في كل اتجاه في شارع “الدبلان” وشارع “البلازا” وشارع “السرايا”.

وأردف المصدر أن دوريات النظام كانت تتجول في الشوارع لاعتقال الهاربين من الاعتصام وبدأ العشرات بطرق أبواب منازل الأهالي للاحتماء.

واستفاقت المدينة على يوم آخر من الدماء التي سالت في حمص على دروب الكرامة والحرية.

وكشف محدثنا أن قوات أدخلت حينها تركسات لرفع جثث الشهداء ورميهم داخل الشاحنات لإخفاء جريمتهم الشنعاء ولم يكتف القتلة بذلك بل أجهزوا على الجرحى وقتلوهم ومن ثم أحضروا مرشات الماء لغسل الطرقات من دماء الضحايا وكأن شيئاً لم يكن.

Recent posts