قريب إياد الغريب لـزمان الوصل: سنطعن بقرار الحكم الألماني وواثقون من براءته

أصدرت المحكمة الإقليمية العليا في مدينة “كوبلنز” الألمانية حكمها بإدانة “إياد الغريب”، وهو صف ضابط (مساعد) منشق عن فرع الأمن الداخلي (251)، أحد الأفرع الأمنية السورية التابعة لإدارة المخابرات العامة في سوريا.
جاء في البيان الصحفي على الموقع الرسمي للمحكمة أن الأخيرة أصدرت قرارها بحق المواطن السوري إياد الغريب 44 عاما بالسجن 4 سنوات و6 أشهر  لمساعدته على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
قرار المحكمة لاقى ترحيبا من قبل شريحة واسعة من سوريين معارضين اعتبروه “نصرا للثورة السورية وانتصارا للمعتقلين والشهداء الذين قضوا تعذيبا في أقبية فرع الأمن”، فيما فوجئ البعض ممن كان على اطلاع بتفاصيل القضية بالحكم الصادر بحق “الغريب” الذي كان من أوائل المنشقين عن أجهزة النظام الأمنية بعد قيام الثورة السورية وانطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد، والتي طالبت عناصر الجيش والأمن بالانشقاق عن النظام.

عائلة “إياد الغريب” التي حضرت جلسة النطق بالحكم، صدمت بالقرار الصادر بحقه،  معلنة أنها سوف تطعن بالحكم وفق الأصول القانونية وعن طريق محامي الدفاع عن “إياد الغريب”.
صف الضابط “إياد الغريب” الذي بدأت أولى جلسات محاكمته إلى جانب العقيد “أنور رسلان” (رئيس فرع التحقيق في الفرع 251) في 23/أبريل/ 2020، ظل طوال فترة المحاكمة مخفيا وجهه وملامحه عن عدسة الكاميرات، وبقت الكثير من تفاصيل حياته وملابسات قضيته غامضة بالنسبة لكثير من السوريين، فمن هو “إياد الغريب”؟
“مهدي الناصر” (صحفي سوري)، ابن عم “إياد الغريب”، وشقيق زوجته، آثر الصمت طوال الفترة التي سبقت إصدار الحكم، إلا أنه قرر الخروج عن صمته بعد قرار المحكمة بإدانة ابن عمه، الذي يراه (مهدي) بريئا مما نسب إليه.
“زمان الوصل” كان لها حوار مع “الناصر” للحديث عن ابن عمه “إياد الغريب” وعمله في أجهزة مخابرات النظام حتى انشقاقه عنه ولجوئه إلى ألمانيا حتى صدور قرار الحكم بحقه من قبل المحكمة الإقليمية العليا في “كوبلنز”.
*سيرة ذاتية لـ”الغريب”
ولد إياد الغريب في العام 1976  في مدينة “موحسن” في محافظة دير الزور ، وعاش فيها وتلقى في مدارسها مراحل تعليمه الابتدائية والإعدادية والثانوية، وفقد والده وهو بعمر الأربع سنوات.
وقال ابن عمه “مهدي الناصر” إن وضع أسرة “الغريب” المعيشي اضطره إلى التطوع في أجهزة المخابرات بحثا عن مصدر دخل ثابت (راتب)، أوضاف “هذه المعلومة أذكرها في سياق الحديث عن الدافع الذي دفع إياد للتطوع في أجهزة الأمن السورية، وهو الأمر نفسه الذي دفع الكثير من أبناء سوريا عامة ومو حسن، خاصة للتطوع في أجهزة الأمن أو الشرطة أو الجيش في تلك الفترة للحصول على راتب ثابت، كما أن التطوع والعمل في الأمن والجيش لم يكن يعتبر جريمة قبل العام 2011، وهو ما أدركه إياد بعد الثورة ليكون من اوائل المنشقين”.
*العمل في أجهزة المخابرات
تطوع “الغريب” في المخابرات السورية في عام 1996، وخدم خلال سنوات خدمته في عدد من الأفرع الأمنية، كان أولها في الفرع (295) التابع لإدارة المخابرات العامة، في منطقة “نجها” في ريف دمشق، حيث خدم في ذلك الفرع من عام 1996 حتى عام 2010، بصفة (مدرب رياضة)، وهو ما أكده فريق التقصي في “زمان الوصل”، من خلال  شهادة زملاء لـ”الغريب” (إثنان من صف الضباط المنشقين عن القسم 40، سبق وأن تدربا على يديه في الفرع (295).
واستكمل “مهدي” حديثه قائلا إن “الغريب” نُقل عام 2010 إلى الفرع (251)  مع عدد من العناصر وصف الضباط  وبقي فيه  حتى انشقاقه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر/2011، بسبب رفضه للقمع الأمني من قبل النظام للمتظاهرين، لينتقل بعدها إلى مدينته “موحسن” في ريف دير الزور، وتوجه في العام 2013 إلى تركيا ليقيم في أحد المخيمات حتى عام 2016.
*اللجوء إلى ألمانيا 
ويكشف “الناصر” لـ”زمان الوصل” أن أسبابا صحية خاصة بأحد أفراد عائلته دفعت “إياد الغريب” إلى اللجوء في أوروبا بحثا عن حياة ومستقبل أفضل كحال مئات الآلاف من السوريين المعارضين لنظام الأسد، فأرسل أحد أولاده إلى ألمانيا ليقوم بإجراءات لمّ الشمل لباقي أفراد الأسرة، إلا أن معاملات لمّ الشمل التي تتسم بالروتين والبيروقراطية، وطلب الكثير من الوثائق حال دون ذلك، حيث طلبت السفارة الألمانية في تركيا من “إياد الغريب” وأفراد عائلته استصدار جوازات سفر سورية من القنصلية السورية في اسطنبول! وهو ما رفضه إياد كونه معارضا ومنشقا عن النظام، وقرر اللجوء عبر البحر ووصل اليونان في العام 2016، ومنها إلى ألمانيا في العام 2018، التي تأخر وصوله إليها بسبب إغلاق الحدود الأوروبية في وجه اللاجئين.
*شهادة فاتهام فإدانة! 
يقول “مهدي” إن “إياد” لدى وصوله ألمانيا كان عليه التقدم بطلب لجوء إلى المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين (BAMF)، وخلال مقابلته مع موظفي المكتب أراد “إياد” الذي عمل لسنوات طويلة في المخابرات السورية، كان شاهدا على ممارساتها القمعية والوحشية بحق المتظاهرين السوريين وانشق عنها لهذا السبب، أراد أن يقدم في إفادة اللجوء معلومات متعلقة بفرع الأمن الداخلي (251) وضباطه وجرائمهم وانتهاكاتهم بحق السوريين وخصوصا ما شهدته مدينة “دوما” في ريف دمشق من قمع واعتقالات، ظنا منه أن تكون شهادته هذه دليلا جديدا يضاف إلى الأدلة التي تدين نظام الأسد أمام المحاكم الأوروبية التي بدأت بملاحقة ضباط وقادة أمنيين وعسكريين سوريين متورطين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
 إلا أن “إياد”، والكلام مازال للصحفي “الناصر”، تحول بنظر السلطات الألمانية من شاهد إلى متهم ومن ثم مدان بالمساعدة على ارتكاب تلك الجرائم  وصدور قرار بسجنه؟!
*حكم ظالم
واعتبر أن “الحكم كان صادما لنا”، مؤكدا أن “إياد منشق وبريء مما نسب إليه من تهم في قرار الحكم”.
وحول رأي عائلة “إياد” بقرار الحكم الصادر قال المصدر “بداية لا بد أن أنوه إلى أمر، أننا قبل قيام الثورة السورية آذار مارس/2011، قامت عدة ثورات في عدة دول عربية نتج عنها انشقاقات عناصر وصف ضباط وضباط عن أجهزة الأمن والشرطة بناء على مطالب المتظاهرين، كما حدث في الثورة المصرية والليبية والتونسية. 
وأردف “عند انطلاق الثورة السورية وإدخال النظام لقوات الجيش والأمن في قمع المتظاهرين السوريين، طالب هؤلاء المتظاهرين، من عناصر الجيش والأمن الانشقاق والانضمام للثورة، فما كان من ابن عمي إياد والكثير من  عناصر الجيش والأمن إلا أن لبوا نداء المتظاهرين وانشقوا عندما سنحت لهم الفرصة”. 
وأوضح أن عائلة “إياد” ترى قرار الحكم على إياد المنشق منذ بدايات الثورة، “غير عادل ومبنيا على افتراضات غير مستندة إلى أدلة منطقية وواقعية”، وقال إن عائلة “إياد” واثقة من براءته من التهم المنسوبة إليه، ولم يشهد أحد عليه بارتكابها، بل على العكس من ذلك، فإن “إياد” قام خلال تلك الفترة التي شهدت مظاهرات واعتقالات في أنحاء مختلفة من العاصمة دمشق بمساعدة متظاهرين بإخفائهم عن أعين قوات الأمن التي كانت تلاحقهم لاعتقالهم، رغم مايحمله هذا الفعل من خطورة على حياته.
 واختتم مؤكدا نية العائلة الطعن في قرار الحكم آملا من القضاء الألماني إعادة النظر في القضية وإنصاف “إياد” وتبرئته.
بحسب وثائق زمان الوصل، إياد غريب مطلوب بشكل خاص من قبل النظام منذ تاريخ 2-4-2012 ومسجل باسمه بلاغ بحث كمساعد أول فار.

Recent posts