للأخوين ملص.. فيلم قصير يحاكي أحلام السوريين في زمن الحرب

“سيتحول الدّرج إلى تابوتٍ طالما بقي فيه السيناريو بعيداً عن عدسة الكاميرا”، بهذه الكلمات برر المخرجان والممثلان السوريان التوأم “محمد وأحمد ملص” تحويل فكرة فيلمها الجديد “سوريون في بلاد العجائب” من فيلم طويل، كما كان مقرراً له إلى فيلم قصير بسبب الظروف الإنتاجية، ويرصد الفيلم وهو من النوع الوثائقي أحلام السوريين في زمن الحرب.
وفي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تحديداً في محاكاة جمالية لمنامات الكاتب “لويس كارول” التي ضمنها روايته الطفلية الشهيرة “أليس في بلاد العجائب”.
وأشار الفنان “أحمد ملص” لـ”زمان الوصل” إلى أن فيلم “سوريون في بلاد العجائب” انطلق من ثلاث نقاط وهي معلومة كتابة الروائي “كارول” لمناماته التي عرفا بها منذ 15 سنة -كما يقول- مضيفاً أنه مع شقيقه كانا يملكان بدورهما دفتراً كبيراً في دمشق يدونان فيه مناماتهما التي يريانها أيضاً، وكانا يشعران -كما يقول- أن المنامات هي بمثابة أفلام سينمائية، والنقطة الثالثة -حسب قوله- هي رؤيتهما لفيلم “المنام الفلسطيني” للمخرج السوري “محمد ملص” ووجدنا من الضروري أن يكون هناك فيلم يرصد المنام السوري.
وتدخل “محمد ملص” في الحديث ليشير إلى أنه أثناء وجوده مع شقيقه في “معرة النعمان”، حيث صورا أفلامهما الطويلة التي عُرضت من سنوات قاما بتصوير جزء من منامات السوريين.
وتابع: “كنا نرغب أن يكون ما صورناه “بايلوت” مادة لفيلم طويل، ولكن صعوبة إنجاز مثل هذا الفيلم في ظل الظروف الموجودة في سوريا وخاصة أن الفكرة كانت تصوير منامات السوريين في الداخل وكيف يرون المنامات حالت دون ذلك، فاضطرا -كما يقول- إلى إعادة ما تم تصويره من مواد فلمية وقررا إطلاق فيلم “سوريون في بلاد العجائب” القصير.
وتدخل “أحمد ملص” ليشير إلى أن لديه مع شقيقه مشاريع كثيرة مدونة على الورق، وهما يتناقشان فيها بشكل يومي واستطرد أن هناك خطين في الفيلم، خط يتعلق بمنامات السوريين وخط الطفل الصغير الذي يواجه الدبابة وكأن الفيلم يطرح سؤالاً مؤداه: أي منهما هو المنام، لأن الواقع في سوريا بات أغرب من الخيال، وحينما يلتقي أخ بأخيه الشهيد مثلاً من المفترض أن يكون الأمر طبيعياً في الحياة ولكن في الزمن السوري الصعب أصبح الأمر مختلفاً.
والتقط “أحمد ملص” طرف الحديث ليشير إلى أن الفيلم يحاكي خلال 10 دقائق بلاد العجائب، ولكن ليس كبلاد “أليس” في الرواية الشهيرة، بل هي في حياة السوريين بلاد الحرب.
وأردف: “نحن بدأنا الثورة ولكن الآخرين شنوا حرباً على الثورة”، لافتا إلى أن فيلم “سوريون في بلاد العجائب” لا يلامس تجربته الشخصية مع شقيقه كشخصين خرجا من سوريا في ظروف حرب وعملا في المسرح، بقدر ما يعبر عن وجهة نظر تقول إن أي منام يحمل جزءاً من الواقع.
واستدرك أن المنامات دائماً هي جزء من حياتنا ولكن بطريقة مختلفة كما حين يرى الشخص لوحة سوريالية أو فيلماً غرائبياً فهو في النهاية عمل فني، ولكنه يحمل لغة مختلفة، وأي منام هو استمرار لحياة الإنسان وهو التقاطع الأساسي في الفيلم بالنسبة لهما.
وحول الصعوبات والتحديات التي رافقت رحلة إنجاز الفيلم أشار “محمد ملص” إلى أن أغلب هذه الصعوبات متعلقة بالظروف اللوجستية ودخولهم إلى سوريا في ظل قصف النظام لـ”معرة النعمان” وفي بداية سيطرة “جبهة النصرة” على المدينة الذين لم يكونوا راضين –كما يقول- على أن يحملا الكاميرا ويصوران لأنهما غرباء عن المدينة، إلى جانب الصعوبات التي ترافق تواجد المرء في منطقة غارقة بالدم بشكل متواصل، أما الصعوبات الأخرى من فنية وتقنية  فتمكنا -حسب قوله- من تجاوزها لأنهما يقومان بإنتاج أفلامهما بمفردهما ويقودان الخيارات الفنية منذ البداية وحتى النهاية وهذا من شأنه تذليل الصعوبات في عملية إنجاز أي عمل فني.

وعرض فيلم “سوريون في بلاد العجائب” في ثلاثة مهرجانات سينمائية حول العالم و هي مهرجان “كيري فيستيفال” في ايرلندا ومهرجان هيومان رايت في  مدريد باسبانيا  وفي مهرجان “موهانا مو ماريال انترناشيونال” الهندي.

Recent posts