مصادر تكشف كواليس استقالة الوزيرة هدى العبسي

حذّرت مصادر خاصة ومطلعة من تكرار مصير المحامية “رزان زيتونة” التي خطفت عام 2013 من دوما بريف دمشق، مع وزيرة التربية والتعليم المستقيلة من الحكومة السورية المؤقتة “هدى أحمد العبسي”.
وكشفت المصادر أن استقالة “العبسي” كانت “ضريبة لقرارتها الجريئة التي اتخذتها خلال فترة توليها منصب وزيرة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة التي امتدت على مدى عام و7 أشهر”.
وكان من أهم تلك القرارات، حسب المصادر، فصل رئيس جامعة حلب “ياسين خليفة” على خلفية قيامه بتوظيف أشخاص موالين لنظام الأسد، وإيقافها وزير المالية في الحكومة المؤقتة “عبد الحكيم المصري” عن التعليم في جامعات المحرر لأنه يحمل شهادة مزورة.
وأكدت المصادر أن استقالة الدكتورة “هدى” جاءت نتيجة جملة من المخاوف والتهديدات المبطنة التي واجهتها على خلفية قرارها الأخير القاضي بإدخال كتاب يتحدث عن تاریخ الثورة السورية ضمن مناهج الصفوف الانتقالية في مدارس الشمال السوري.
واستغربت المصادر من قرار  رئيس الحكومة المؤقتة “عبد الرحمن مصطفى” الذي سارع للموافقة على قبول استقالة “العبسي”، وقيامه بتكليف وزير العدل في الحكومة المؤقتة “عبد الله عبد السلام” لتسيير أمور الوزارة.
وسبق لرئيس الحكومة المؤقتة أن تهرب من التصريح لـ”زمان الوصل” عن موقفه كرئيس حكومة من إدخال كتاب يتحدث عن تاريخ الثورة السورية في منهاج التعليم، واكتفى بالرد برسالة نصية عبر تطبيق “واتساب” قال فيها: “غدا ان شاء الله نتكلم حول الموضوع”، وبعدها تجاهل الرد على كل الرسائل الصوتية والنصية والاتصالات التي أرسلها له المراسل على مدى يوم كامل.
واتهم معاون وزيرة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة “فاتح شعبان” الوزيرة المستقيلة بـ”المتسلقة” وعلق على “قرار” الوزيرة القاضي بإضافة كتاب يتحدث عن تاريخ الثورة السورية قائلا: “يأتيك اليوم من تسلق على أكتاف الثورة، ويريد أن يظهر بمظهر البطل الثائر، علماً أنه بقي يعمل مع النظام حتى وقت متأخر من الثورة”.
وأضاف “شعبان” في تعليقه الذي نشره على صفحته في “فيسبوك” قائلا “يا ترى هل سيتم ذكر تاريخه الثوري في هذه الكتب؟ إذا لا تنسوا أن تقولوا أنه كان يعمل في جامعات النظام عندما كان الشباب الثائر يرفع علم الثورة في ساحة جامعة حلب”.

وعن قرارها في المنهاج الجديد قالت “العبسي” لمراسل “زمان الوصل”: “سنكتب ما يمكن كتابته من التاريخ المشرق للثورة السورية، مع تجنب الخوض في المواضيع الخلافية”، مشيرة إلى أن التاريخ المقرر تدريسه، سيتحدث عن مرحلة “الأسد الأب والابن والأفعال الإجرامية التي استدعت قيام الثورة”.

وأضافت “العبسي” أن “الهدف الرئيسي من القرار توضيح أسباب قيام الثورة، والتطرق إلى مبادئها وقيمها، لتعريف الجيل الجديد بها وأسباب اندلاعها، لا سيما أنّنا في السنة العاشرة منها، وحتى يستمر هذا الجيل بالدفاع عنها ويكمل الطريق”.
وأكدت الوزيرة بأن “الثورة لا يمكن توثيقها أو الدخول في تفاصيلها حتى تنتصر”، لافتة إلى أن توثيق جرائم أسد الأب والولد، وأسباب الثورة سيكون حافزا للأجيال واستمرارا بالعطاء خاصة في ظل وجود جيل جديد ولد في ظل الثورة لم يكن بالبداية.
وتابعت “العبسي” بالقول “تاريخ الثورات لا يبدأ باندلاعها، فهناك أسباب عميقة للثورات ومراحل تمر بها، وما سيدرّس هو مرحلة ما قبل الشرارة والجوانب المضيئة من ثورتنا السلمية، دون التعمق والدخول في التفاصيل، وهذا سيكون الجزء الأول، والجزء الثاني نكتبه عندما تنتصر ثورتنا بهمة أحرارها”.
وأردفت: “تدريس الكتاب سيبدأ في العام الدراسي المقبل 2021 – 2022”.
وأعلنت الدكتورة “هدى العبسي” في بيان نشرته على صفحتها في “فيسبوك” أمس الخميس  قرار استقالتها من منصبها كوزيرة للتربية والتعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة، وذلك على خلفية ردات الفعل الغاضبة التي طالتها نتيجة قرارها المتعلق بالمناهج.
 وجاء في البيان أنها استقالت بعد أن فعلت كل ما تستطيع من أجل خدمة الطلاب والعملية التعليمية خلال فترة وجودها في الحكومة كوزيرة، وأن الاستقالة جاءت بسبب ضعف الإمكانيات والعجز عن تقديم المزيد.
ووجهت الدكتورة “هدى” استقالتها بحسب البيان إلى “أحرار سوريا” ووصفتهم بأنهم أصحاب التفويض الحقيقي لكل منصب في هذه الثورة، لذلك فلا بدّ من مخاطبتهم أولاً بعد كل تكليف أو استقالة.
كما قالت إن المرحلة الماضية كانت مليئة بالإحباط رغم كل الإنجازات التي تمكنت الوزارة كفريق كامل من تحقيقها، فالإمكانات شبه معدومة.
وقال الموجه التربوي في الشمال السوري “زكريا صطوف” لمراسل “زمان الوصل” في تعليق منه على قرار إدخال كتاب يتحدث عن تاريخ الثورة السورية في مناهج التعليم في مدارس الشمال السوري: “من حيث المبدأ، أنا مع قرار وزيرة التربية والتعليم هدى العبسي بضرورة وجود كتاب بين أيدي طلابنا يعرفهم ويذكرهم بالجوانب المشرقة والإنسانية من ثورتنا المباركة”. وأشار إلى أن نجاح هذا القرار يتوقف على نوعية المحتوى الذي سيقدمه الكتاب من جهة، واللجنة التي ستشرف على تأليفه لوضعه بين أيدي الطلاب من جهة ثانية.

وأبدى “صطوف” تخوفه في ظل حالة الانقسام وعدم التوافق الكلي التي تعصف بمكونات الثورة بشقيها السياسي والاجتماعي من أن يقع المؤلفون في فخ تعويم وإظهار شخصيات وجهات ثورية على حساب شخصيات وجهات ثورية أخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى نتائج عكسية من شأنها أن تكون سببا في تفريغ هذا القرار من مضمونه العلمي والتاريخي الذي يهدف إلى تحقيقه.

Recent posts