يظن من يرى وجهه مطليا بالهباب الأسود، جراء عمله في حراقات النفط.. يظن أن لن يقابل سوى شاب أقل من عادي، لكن الصوت القادم من “الداخل” يخبره أن خلف سواد الفحم ألماس لا يقدر بثمن، يحمله صوت يذوب شجى وعذوبة.
تلك كانت باختصار قصة شاب قابله مذيع برنامج “عمران” على تلفزيون قطر، في مكان لا يتمنى أحد أن يعمل فيه لصعوبة ظروفه، والأمراض والآفات التي يسببها للعاملين به، ولكن هذه الفتي كان وبرغم كل “السواد” المحيط به ينشد!
مر مذيع البرنامج أمام تلك الأسطوانة الحديدية الضخمة، فباغته صوت عذب ينبعث من جوفها، وهو ما دعاه للتوقف ومناداة صاحب الصوت ليتحدث معه.. فإذا بشاب أبيض الوجه أشقر الشعر يطل بوجهه المسود من آثار الهباب، يطل وعلى وجهه بقايا بسمة، ويجود بصوته على المذيع الذي يقف مدهوشا يحاول التماسك ومدافعة عبراته، وهو يستزيد من الشاب، إلى أن تلا أمامه أعظم آيات القرآن.. آية الكرسي.
“زمان الوصل”، استطاعت بدورها التعرف إلى هوية الشاب، الذي شغل آلافا من رواد مواقع التواصل وهم يشاهدون المقطع، حيث تبين لها أن الشاب يدعى “أحمد الخطاب”، وأن المهنة القاسية التي يعمل بها لاتخفي فقط صاحب صوت “جبار” كما وصفه مذيع تلفزيون قطر، بل تخفى أيضا شابا ينظر إلى الحياة بمنظار مختلف عن معظم أقرانه، حسب ما أظهره لنا تصفح سريع لحسابه.
ففي أول حسابه، نجد عبارة: “نحـن جيـل مــات فعليـا، ومن عاش منا مات نفسيا.. عشرين بنكهة السبعين”، وفي منشور له يقول: “سنبتسم للحياة مادام الخير بيد الله، وسنعيش بالأمل والتفاؤل، لأننا نؤمن بالقدر الجميل.
أما المنشور ذو المغزى العميق، فقال فيه “الخطاب”: “ربما يساق إليكَ قدرٌ من الله خيرٌ من كُل أَحلامك.. لا تيأس”.. وكأنه بهذا القول يستشرف ما حدث معه بعد فترة غير طويلة، ليصبح حديث عشرات آلاف الناس، فيظهر من قلب الهباب الأسود لمعان معدنه الماسي، بانتظار فرصة كبيرة لن تتأخر في غالب الظن.