مهندس سوري شاب يبتكر منزلاً صغيراً على شكل زهرة

ابتكر المهندس المعماري السوري “إيهاب الحريري” منزلاً صغيراً أطلق عليه اسم “كبسولة جبلية مستقبلية مستدامة” مستوحياً تصميمه من الزهور ويبدو ابتكاره الجديد على شكل زهرة الزنبق تحيطه 7 بتلات معدنية قابلة للفتح والطي لتستخدم كخلايا لجمع الطاقة الشمسية أو المياه أو حتى للحماية من الأجواء الخارجية. وعند فتحها تظهر كامل البيئة المحيطة بها لقاطني المنزل كما قال لمحطة “سي.إن.إن” الأمريكية.
وأضاف أنه أراد تصميم منزل لا يكتفي بتوفير ضروريات المعيشة فحسب، بل فكّر بتحويل المنزل إلى آلة تعزز الحياة مع قدرة على تغيير الشكل والتفاعل مع الظروف المحيطة بالمنزل حسب الضرورة، مشيراً إلى أن “الكبسولة المستقبلية كفكرة من الممكن أن تنفذ في أي منطقة من العالم تتعرض للأشعة الشمسية بشكل معتدل خلال العام، كما أن الفكرة التصميمية مرنة ويمكن تعديلها لتكون على شواطئ البحار أو الأنهار أو في الصحاري والغابات”.
و”إيهاب الحريري” مهندس معماري مواليد مدينة حماة- سوريا 1985، مقيم في واشنطن، حصل على إجازة في الهندسة المعمارية من جامعة دمشق عام 2007، وعمل كمصمم معماري في كل من دبي والولايات المتحدة الأمريكية على العديد من المشاريع المعمارية التي تفاوتت من المباني السكنية والتجارية إلى التعليمية والأبراج الشاهقة، ومنذ الصغر برز ميله للابتكار -كما يقول لـ”زمان الوصل”- مضيفاً أنه لطالما كان متأثراً بالخيال العلمي وبقي هذا التأثر في مخيلته، لذلك كان دائم التفكير بالابتكارات المستقبلية.
ودأب فيما بعد على ابتكار تصاميم هندسية غريبة نوعاً ما وأقرب للابتكارات المستقبلية متل منزل بجدار أخضر يرتفع وينخفض وقت الحاجة وبيت جبلي يتفاعل تشكيله مع المنحدر،  قبل أن يصل إلى ابتكاره الكبسولة وهو أقرب إلى العمارة المستقبلية.

وحول فكرة الابتكار الجديد أشار الحريري إلى أن هناك مقولة للمعماري الشهير “لوكوربوزييه” يقول فيها “المنزل آلة للعيش به”، وهو يقصد أن المنزل هو أداة فعالة للمساعدة في توفير ضروريات الحياة وليس أكثر. وأردف محدثنا أن هذه المقولة لطالما أخدت حيزاً من تفكيره وكان يتساءل على الدوام ماذا لو أخذنا هذه المقولة بشكل حرفي، وماذا لو تحول المنزل فعلاً إلى آلة تسهل توفير ضروريات الحياة؟ غير شكله ويتفاعل مع محيطه كما تقتضيه الحاجة!  ومن هنا -كما يقول- جاءت فكرة “الكبسولة المستقبلية الذكية”.
واستدرك المهندس الشاب أن التطور الطبيعي للمباني هو أن تصبح أكثر ذكاء مع الوقت لتغدو أقرب إلى الآلات منها إلى المبنى التقليدي، موضحا أن الشكل الخارجي للكبسولة مصمم بشكل عضوي مستوحى من الزهور وحركة تفتحها والكبسولة معلقة بالكامل على أعمدة فولاذية، ويمكن الوصول إليها من خلال جسر القشرة الخارجية للكبسولة المكسوة بألواح الألومنيوم ثلاثي الأبعاد بهدف الحصول على تصميم مستقبلي الإيحاء، ويكمن خلف القشرة المعدنية قشرة زجاجية تلف محيط الكبسولة.
ولفت المبتكر الشاب إلى أن مبنى الكبسولة مصمم للاستفادة من الطاقة الشمسية عن طريق آلية تسمح له بالفتح والإغلاق لشحن الكبسولة باستخدام الخلايا الكهروضوئية، ويمكن أن تسمح الآلية أيضًا للكبسولة بجمع مياه الأمطار والطاقة الحرارية لتكون مكتفية ذاتيًا.
ونوّه المصدر إلى أن الهدف من مشروعه هو سبر أغوار المباني المستقبلية والبحث في آليات هذه المباني، وكيف يمكن أن تعمل، في الوقت الراهن.
واستدرك أن التكنولوجيا من الممكن أن تكون غير كافية أو مكلفة جداً لتنفيذ هذا النوع من المشاريع، لكن التصور لما يجب فعله في المستقبل يمكن أن يكون ذا فائدة كبيرة لما يجب أن نقوم به في الوقت الحاضر.
وحول سر اهتمامه بالعمارة البيئية والبناء فوق التلال والسفوح والهضاب بعيداً عن الأسطح المستوية أوضح الحريري أن الأسطح غير المستوية والمائلة والبيئات الغريبة تشكل تحدياً لأي مصمم هندسي، وهي فرصة ليظهر قدراته التصميمية، إضافة إلى ما يشكله النظر من مستوى منخفض إلى المباني على التلال والهضاب من سحر خاص.

وعن تشبيه البعض لأعمال الحريري بأعمال المهندسة العالمية الراحلة، “زها حديد”، ومالذي استفاده من هذه القامة الهندسية الكبيرة، أشار محدثنا إلى أن هذا التشبيه شرف له، ولكنه بعيد كل البعد عن مهندسة بحجم المهندسة الأيقونة “زها”.
واستطرد أن هذه المهندسة التي تركت بصماتها في كل دول العالم هي من أكثر من أثروا به حتى من مرحلة الدراسة الجامعية ونظرتها المستقبلية للعمارة كانت -كما يقول- لعصرها بمراحل، مشيراً إلى أن هناك مهندسين كثرا غيرها كان لهم تأثير كبير على طريقة تفكيره، لكن أكثر من يأتي على ذاكرته هما المعماري “فرانك جيري” والمعماري الدنماركي “بيورك انجيلز” (big).
وعن صدى ابتكاره المنزل الكبسولة في الأوساط العلمية بالولايات المتحدة الأمريكية وعلى المستوى الإعلامي نوّه المصدر إلى أن هذا الابتكار بدأ يحظى باهتمام من عدد كبير من المتابعين، ولمس ذلك من خلال صفحته على موقع “انستغرام”، حيث يشارك برسوماته وتصاميمه المعمارية والتي أصبح لها أكثر من 85 ألف متابع.
إلى جانب الاحتفاء الإعلامي حيث نشر عن الابتكار عدد من المواقع المختصة بالهندسة المعمارية مثل موقع “Architizer” وموقع “Amazing Architecture”، وأيضا نشر عنها مقال في “CNN” العربية، بالإضافة إلى صفحة “اكسبو دبي، مستقبل بلا حدود”.
وعبر “الحريري” عن طموحه بتطوير فكرة مشروع الكبسولة بعد الاستفادة من الخبرة المكتسبة لتصميم نسخة رقم 2، معرباً عن أمله بأن تكون هذه التصاميم مصدر إيحاء للمهندسين والمبدعين السوريين والعرب لتشجعهم على التفكير خارج الصندوق والابتكار لأنهم بلا شك قادرون عليه.

وختم أن ابتكاره لم يتم استثماره حتى الآن لكن فكرة التصميم مرنة، يمكن أن يتم تعديلها لتكون في أي مكان في العالم على شواطئ البحار أو حتى في الصحراء.

Recent posts