تعرف إلى أول مرشح من أصل سوري يطرق أبواب البرلمان الهولندي

سبق السوريون في هولندا أقرانهم في الدول الأوروبية الأخرى بالحصول على حقوق المواطنة، حيث اعتمدت هولندا على سياسة تسهيل وتسريع إجراءات اللجوء ولمّ شمل اللاجئين السوريين الذين وصلوا إليها هربا من نظام الأسد، ما سمح لعدد كبير منهم هذا العام بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية  المقررة في آذار مارس المقبل، بالتزامن مع  صعود أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا  التي أصبحت برامجها المناهضة للاجئين والأجانب تشكل جذبا لدى شريحة ليست قليلة من الناخبين.
في هولندا يعتبر “حزب الشعب من أجل الحرية والديموقراطية” (VVD) -يمين وسط- من أبرز الأحزاب التي ساهمت بتشكيل الحكومة في السنوات العشر الأخيرة، لكن تصاعد موجة الهجرة واللجوء زاد من شعبية حزب “الحرية  PVV” المعادي للقادمين الجدد والثقافة الإسلامية ودخول أحزاب يمينية أخرى مثل حزب “منبر الديمقراطية” (FVD) و”JA 21″، وهو ما يشير إلى أن التيار اليميني المعتدل لم يعد يستوفي توقعات نسبة لا يستهان بها بين الناخبين الهولنديين، حيث أعلن  “PVV” في برنامجه الانتخابي أنه لا ينوي تجديد إقامات السوريين الذين لم يحصلوا بعد على الجنسيه الهولندية.
لكن في المقابل، هناك أحزاب ضمن التكتل الحكومي الحالي، وأحزاب يسارية أخرى من المعارضة تسعى لتحسين ظروف اللاجئين في اليونان واستقبال أكبر عدد منهم على الأراضي الهولندية.
في خضم تلك التجاذبات السياسة أعلن حزب “الديموقراطيين” (D66 -يسار وسط)، وهو أحد أحزاب الحكومة الهولندية الحالية عن قائمة مرشحيه للانتخابات البرلمانية، والتي ضمت لأول مرة في تاريخ الحزب مرشحا ذا أصول سورية، وهو “سومر شعبان”، في إشارة سياسية واضحة  لحزب “PVV” اليميني إلى أن السوريين في هولندا  هم جزء من الشعب الهولندي.
وقال “سومر شعبان” المولود في دمشق 1969 لـ”زمان الوصل” إنه يعيش في هولندا منذ 30 عاما ويعمل حاليا (استشاري) في برامج اندماج وتوطين اللاجئين السوريين في مدينة (ألميره) المقدر عددهم بنحو 3 آلاف  لاجئ.
وأضاف “بدأ تواصلي مع  السوريين مبكرا من خلال  موقع  فيسبوك بعد انطلاق الثورة  في سوريا في ربيع 2011، من خلال نشر فيديوهات تدعم حراك الشعب السوري، ومع وصول عدد كبير من اللاجئين السوريين إلى هولندا عام 2015 قررت أن أتابع تواصلي مع السوريين عن طريق نشر فيديوهات تشكل مفاتيح الحياة في هولندا وأوروبا بما يخص سوق العمل وتعلم اللغة و أمور أخرى تشغل بال السوريين”.
وعن وضع اسمه كداعم لحزب “D66” على لائحة المرشحين للانتخابات البرلمانية قال شعبان “بصراحه شعرت بالفخر عندما تواصلت معي رئيسة  الحزب قبل عيد الميلاد الماضي لتسألني إن كنت أرغب بدعم الحزب في الانتخابات المقبلة، وبإدراج  اسمي كداعم للحزب في لائحة المرشحين للانتخابات كوني على تواصل دائم خلال عملي مع أعضاء هذا الحزب في البرلمان، إضافة لدوري في قسم المجتمع والهجرة واللجوء داخل الحزب”. وأردف “قدمت كعضو في الحزب بعض الاقتراحات التي تم شملها في البرنامج الانتخابي القادم، لذلك أرجو أن يكون وجودي كأول هولندي من أصل سوري على لائحة الانتخابات البرلمانيه له أثر على الناخبين السوريين الذين سيشاركون لأول مرة في حياتهم بانتخابات ديمقراطية حرة”.
يتابع “شعبان” قائلا “أتمنى أن تشهد الانتخابات في السنوات القادمة وجود مرشحين أكثر من أصول سورية، ومشاركة أوسع في الحياة السياسية  والتأثير في دوائر صنع القرار “، لافتا إلى أن “هذا لا يتحقق فقط من خلال التصويت للأحزاب المعارضة، بل لا بد من البحث عن حلفاء في الأحزاب الحاكمة تملك سلطة اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الجالية السورية ورسم مستقبلها، وهو ما حصل وتحقق فعلا عندما وجه مئات من السوريين رسائل لأعضاء البرلمان قمت أنا بصياغتها وطلبت منهم مشاركتها مع مختلف الأحزاب، بغرض تأجيل تعديل شروط التجنيس التي اقترحها حزب VVD اليميني، وهو ما أبقى شروط الحصول على الجنسية الهولندية على حالها.
وعن برنامج حزبه قال شعبان “أنا كسوري الأصل ومربٍّ لثلاثه أطفال أعلم أن برنامج حزب D66 يلامس جوانب عديدة من حياة السوريين الجدد في هولندا   أبرزها  جانب التعليم، حيث يعاني الكثير من السوريين من نظام التعليم الهولندي الذي يقيّم أطفالهم بدرجة تعليمية أقل بآخر سنة دراسية ابتدائية، وبالتالي يتم فرز الطفل إلى مدارس تعليمية مهنية، حيث ينوي (D66) إلغاء  هذا التقييم المبكر للأطفال السوريين”.
وكشف أن ضمن برنامج الحزب توفير منهاج تعليمي عريض وشامل مع (حضانة مجانية) لكل الأطفال في سنوات تعليمهم الأولى لأنها أساسية لتكوين مستقبل أفضل للأطفال بغض النظر عن مؤهلات أهاليهم المادية.
ويولي الحزب، بحسب “شعبان”، موضوع  الضرائب والمرتجعات أهمية كبيرة، وهو أيضا أمر آخر  يعاني منه الكثير من السوريين في هولندا، حيث ينوي الحزب إعادة هيكلة النظام الضريبي وتوفير دخل اساسي لكل مواطن بلغ الثامنة عشر  بغض النظر إن كان لديه عمل مدفوع أم لا، حيث سيكون  هذا الدخل بديلا  المرتجعات المعقدة التي أرهقت كاهل الكثير من السوريين بالديون لدى مصلحة الضرائب في هولندا. إضافة إلى خطط لتحسين الأجور الدنيا وفرض ضرائب ربح على الشركات الضخمة لتحسين توزيع الثروة في البلاد.
كما أن للحزب مواقف معروفة بخصوص الشأن السوري داخل و خارج هولندا، ولايزال الكلام لـ”شعبان”، حيث دافع الحزب في  مناظرة برلمانية عن السوريين وتطرق إلى نجاحهم واندماجهم ومشاركتهم في المجتمع الهولندي.
وذكر أن رئيسة الحزب للانتخابات القادمة السيدة (سيخريد كاخ)  كانت قد أشرفت أثناء عملها في الأمم المتحدة على عملية نزع و إتلاف الأسلحة الكيماوية لدى نظام الأسد في عام 2013، وهي تتكلم العربيه أيضاً.
وواصل “شعبان” حديثه لـ”زمان الوصل” متمنيا أن تستطيع الجاليات السورية في أوروبا أن تخلق أفقا مشتركا لها في وطنهم الجديد، مؤكدا أن “العديد منا مازال يحمل بداخله شوائب الماضي في سوريا و معاناة وجود أهالينا في ظروف معيشية كارثية”.

وختم “كوني السوري الوحيد على لائحة المرشحين هو فرصه جيده للسوريين لطرح قوة الصوت السوري في الانتخابات البرلمانية حتى تأخذ الأحزاب مصالحنا بعين الاعتبار” مشيرا إلى أن في ذلك رسالة للمجتمع الهولندي بأن الناخب السوري الأصل هو ناخب اجتماعي ديمقراطي معتدل كما هو لون حزب “D66”.

Recent posts