لا يريد النظام الاعتراف بأنه يقف وراء كل أزمات البلاد من الموت الموزع عليهم إلى إذلالهم، لكي يبقوا على قيد الحياة والكرامة، وأقصى ما يمكن أن يصدر عن أبواقه في لحظات التجلي هو اتهام الفاسدين الصغار في أنهم يقفون خلف المصائب وطوابير الذل.
جريدة “البعث” تتحدث عن أثرياء البنزين المتواطئين مع بعض المعنيين دون تسمتيهم، وهم ربما يكونون في أعلى مناصبهم مدير المحروقات أو مدير محطة توزيع الوقود.
في مقالها الذي يرصد هؤلاء الأثرياء تصف الجريدة كيفية الحصول على البنزين دون الوقوف في الطابور: (فمن يريد أن يشتري وقته دون أي انتظار، ما عليه سوى التوجّه إلى القائمين على تنظيم دور السيارات لدى دخولها إلى المحطة ودفع (المعلوم) لهم، على حساب وقت أصحاب عشرات السيارات المصطفة على طابور قابل للزيادة طرداً مع زيادة عدد “دافعي المعلوم).
أما عن هؤلاء المتاجرين بالطابور وفق الصحيفة فهم يحصلون على دخل يومي مجزٍ، وأما الحل فيكون حسب لغة البعثيين: (استئصال هؤلاء المتاجرين من جذورهم، وبالتالي قمع أية مخالفة تتيح المجال لأي متعدّ على الطابور بغير وجه حق، فإن أطول فترة انتظار ربما لن تتعدى الساعة من الزمن وربما أقل).
بينما الشركاء في هذا الإثراء (المفاصل التنفيذية) وهي عبارة فضفاضة لا تصل حتى إلى اتهام معاون الوزير، وهم من يصنعون الطوابير، ومن ثم تأتي العبارات التي لا تتهم أحدا وتتناقض مع الوقائع: (ما سبق يؤكد تراخي -وربما تورّط- الجهات المعنية في ظهور مثل هذه الحالات المقيتة التي لا تخرج عن إطار الفساد المعلن).. وهذا أقصى ما يمكن توصيفه مع عبارات التعاطف الإنشائية مع المواطن.
أما الحقيقة فهي أن المتورطين في أزمات المواطن واالوطن هم رأس النظام وتجاره وعسكره وشبيحته الذين يتاجرون علانية وعلى الطرقات العامة بينما من تتهمهم البعث بالفاسدين هم من يسرقون كالعادة بقية الفتات المتروك.