ماسبيرو، هو مبنى الإعلام المصري، والاسم كما ترون اسم فرنسي، وكذلك القلب، فهو يدار من مخابرات أمريكا و ربما فرنسية، قرر بعد سبع سنوات من حكم عبد الفتاح السيسي العضوض الرفوس، أن يجري مقابلة مع زوجة السيسي، وهي ابنة خالته، ولا نعرف ما اسم عائلتها، فزوجات الرؤساء العرب يُنسبن إلى أزواجهن، فهو زوجها فعلاً، وهو ابوها اسماً، وهذا بدع لم نعهده في آبائنا الأولين، المهم أن الممثلة إسعاد يونس أجرت المقابلة وفي جعبتها مليار سؤال، وظنَّ المشاهد أنها ستسألها عن مقبرة حماتها وخالتها، والأسئلة التي أثيرت حول إيداعها الثلاجة حتى يحتفل بالترعة، وسبب عدم قيام زوجها و”أبوها” بالعزاء؟ وكم تبلغ ثروتها، ورأيها في ارتفاع معدل الفقر في مصر وانخفاض منسوب النيل، وعدد المعتقلين وسبب حب السيسي للقسم والحنث به، وكيف يعيش على الماء وحده. وهل هو من كائنات البرمائية أم من الكائنات الفلوسية؟
ثم إنها سألت أتفه الأسئلة على الإطلاق، عن قهوتها، وموعد شربها، واللون الذي تحبه، واللقاء كاشف فاضح، فهذه هي زوجة خليفة عمرو بن العاص في أرض الكنانة!
كما أجرى التلفزيون الروسي مقابلة مع أسماء الأسد، وهي أيضاً منسوبة لزوجها وليس لأبيها، فزوجها “العربي” هو والدها بالاسم، ونسبها الجديد، وهذه بدعة لم نعهدها في آبائنا الأولين، وأجريت بعد شفائها من السرطان، فأثنت على زوجها الذي وقف معها وجلس معها وقصف معها، لهوا وبراميل.
مقابلة أسماء الأسد كانت مع تلفزيون أجنبي، فالتلفزيونات العربية تًحرم من هذا الفضل ” العميم”، لأن الجمهور المقصود هو جمهور ناطق بالعربية غالباً، ففيه المال والجند والشرعية، ولا تسأل الأسئلة التي يحبُّ الشعب أن يسألها: مثلاً: ما رأيك في التمديد المستمر لزوجك المفدى؟ ألا يوجد في الشعب السوري العظيم زعيم آخر غير زوجك يستحق الجلوس في القصر الجمهوري؟ ما رأيك بالانتخابات هل هي نزيهة وشفافة؟ ما رأيك بأبطال أسرة زوجك هلال الأسد، رفعت الأسد؟ هل تعلمين بأنك أنت وزوجك الوحيدان اللذان يدخلان إلى الغرفة السوداء في قاعات الاستفتاء؟ ما الفرق بين الملك والرئيس من خلال لون العينين ومقاس القدمين ونوع العلف؟
يمكن اعتبار أنَّ الممثلة النجمة اللامعة البراقة سلاف فواخرجي أيضاً سيدة أولى في مجال الفنّ، فهي أجمل وجه على الشاشة السورية كما تقول الصحافة، وقد صفّق كثيرون لأسئلة مذيع “الموجة الألمانية”، الذي حاصرها بالأسئلة السياسية، كما يحاصر الغازي القلعة.
سلاف فواخرجي:
وقالت فواخرجي بعد اللقاء أنه خرج عن الاتفاق وغدر بها، وكان قد أحرجها وجعلها تغصُّ بريقها، فظهر جعفر بطلاً هماماً، بعد أن أوهمنا بأنه أذقها سماً زؤاماً، وكانت قد كررت في اللقاء اقوال المحللين والمذيعين الذين يظهرون على الشاشات السورية: مؤامرة، سوريا كانت مثالية نوعاً ما، الخلافة، الإخوان المسلمين ..وذكرت أموراً عفا عنها المذيع الذي نعتقد أنه كان يريد أن يلمّعها على خلاف ما يظنّه المشاهد، فالسوريون النازحون الذين ظهروا في الاستفتاء أقرّوا بأنها الأولى، وعابوا عليها رأيها السياسي وحسب، فهي سيدة رأي ولها متابعون، إنها زعيمة مثل عادل إمام ومحمد رمضان، ولم تذكر داعش أبداً، بل ذكرت الخلافة التي يريد المتظاهرون إعادتها، فلم يسألها: ما عيوب الخلافة ؟ إذا بشار خليفة في الخلافة الأسدية؟ وهل تقصد الخلافة الراشدة التي كان الخلفاء يعيشون مع عامة الناس بعد انتهاء الدوام الرسمي، ويمشون من غير حرس، حتى قُتل ثلاثة منهم؟ أم أنها تقصد الخلافة الأموية التي فتحت العالم، وكان بينهم خلفاء أمثال معاوية بن يزيد بن معاوية الذي تخلى عن الخلافة بعد أربعين يوماً وقال: “لم أذُق حلاوة الخلافة، فلا أتقلَّدُ مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدنيا خيراً فقد نلنا منها حظاً، ولئن كانت شراً فكفى ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها”، وكان شاباً عمره اثنان وعشرون سنة، ثم ما لبث أن مات. وعمر بن عبد العزيز الزاهد العادل الذي يلقب بالراشد الخامس، أم أنها تقصد بالخلافة، خلافة العباسيين الذين حكموا العالم أيضاً؟
كان المذيع الهمام الضرعام يصرُّ على تكرار سؤال واحد بصيغة واحدة يجعلها بطلة ويحتفظ لنفسه بدور البطل، فإن لم تكن بطلة، فجمالها يغفر لها زلّتها، ولم يجادلها في شأن القبلة. لم يسألها هل القبلة حقيقية أم من وراء الزجاج مثلاً كما قال فاروق الفيشاوي لزوجته التي سألته عن قبلاته، أحقيقية هي أم تمثيل؟ فقال لها إنها خدعة سينمائية أو شي من هذا القبيل في إحدى مقابلاته التلفزيونية. فكلاهما الفيشاوي وزوجته يدركان أنّ القبلة شأن بين المرء وزوجه.
لم يسألها:
إذا كنت تنفّذين القبلة يا سيدة شيكاغو من أجل إيهام المشهد بالحقيقة في سينما أيام زمان فهل يمكن أن تؤدي مشهد تعذيب سيدة في أيامنا الحالية، وليس من أيام زمان، تتعرض لأصناف التعذيب والاغتصاب في مستعمرات العقاب السورية لإيهام المشاهد بالحقيقة؟
سكارليت وخراب البيت:
ذكر كاتب السطور اسم سكارليت جوهانسون في العنوان، وهي ممثلة أمريكية ظهرت في فيديو غاضب تطالب السيسي بالإفراج عن ثلاثة من العاملين في الدفاع حقوق الانسان “الخواجة”، أما المصري الفلاح وعدد معتقلي الفلاحين بعشرات الألوف فلا سكارليت لهم. ولم يكن لظهور سكارليت لزوم، فقد طالبت بمعتقلي المبادرة عشرات الدول الأوربية، ورأت هذه الدول أن تشرك معها فنانة فالفضل فيها كثير ويعمُّ الجميع. وهو يجعل من الممثلة الأمريكية بطلة في الواقع كما كانت بطلة في فيلم “امرأة صالحة” و”وحوش بثمانية أرجل”.
الخلاصة أننا صفقنا كثيراً للمذيع الأمريكي سكوت بيلي الذي أحرج الرئيس الأمريكي وجعله ينزّ عرقاً ومرقاً، وصار بطلاً لا يشق له غبار ولا يصطلي له بنار. وكان مكسبنا الوحيد هو ذلك العرق، فقد عاد الرئيس إلى عرشه ومن تحته تجري الأنهار.
أنهار الدماء.