لم تكد فضيحة مخزون الزيت الكبير غير الصالح للاستخدام تتفجر قبل ساعات، حتى أعلن النظام وبلا مقدمات عن طرح كميات من الزيت النباتي بأسعار مخفضة، تقل بألف ليرة عن السعر المدعوم البالغ 3900 ليرة للتر الواحد.
إعلان “السورية للتجارة” عن السعر الجديد (2900 ليرة للتر) المفترض توزيعه عبر “البطاقة الذكية”، أثار استهجان وسخرية فئة غير قليلة من السوريين، إذ إن “المواطن” لم يعتد على تخفيض سلعة بعد صعود سعرها أبدا في ظل “سوريا الأسد”، فما بالك إذا كان التخفيض بهذا القدر، وبمعدل ألف ليرة للكيلو، أي مليون ليرة للطن، وما بالك إذا كان التخفيض يخص مادة أساسية تتحكم فيها زمرة من الحيتان المعدودين على الأصابع، ولا يمكن لأي صفقة ألا أن تمر عبرهم.
منسوب السخرية والاستهجان من الخفض غير المتوقع لسعر الزيت، ارتفع لتزامن الخفض مع إقرار وزير التجارة “طلال برازي” بوجود مخزون كبير من الزيت في مستودعات حمص، تم تجميعه وتخزينه منذ 2017، وقد أصبح اليوم فاقدا للصلاحية، ما استدعى إعادته للمعمل من أجل إعادة تكريره وطرحه للبيع مجددا.
ومن الربط بين الأمرين (خفض سعر الزيت والإعلان عن مخزون كبير فاسد)، توصل الكثيرون إلى نتيجة مفادها أن السوري في نظر من يتولون حكمه وأمره، مجرد مستوعب لإعادة التدوير، حتى لو كان هذا التدوير على حساب صحته، مع فارق بسيط في قضية الزيت وهو أن تسويق السلع التالفة أصبح “على المكشوف” تماما، بينما كان في الماضي يتم تحت غطاء ولو رقيق من التعمية والتدليس.
وقفزت أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني خلال السنوات الفائتة، بما فيها أسعار الزيوت النباتية، وحتى لا نذهب بعيدا، ففي عام 2015 كان سعر عبوة زيت (4 ليتر) من أكثر الأنواع الرائجة في السوق ودون الحاجة لـ”دعم” الحكومة، يعادل سعر ليتر واحد من أردأ الأنواع تقريبا اليوم مع “دعم” الحكومة و”منية” البطاقة الذكية وما تستدعيه من ذل ووقوف في الطوابير.