كشف تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن المئات من وثائق الوفاة لمعتقلين في سجون نظام الأسد وردت خلال الشهور الماضية إلى دوائر السجل المدني في حمص وحماه ودير الزور ودمشق ودرعا والقنيطرة.
وجاء في تقرير المنظمة أنه “وبعد أشهر، وأحياناً سنوات، من الاعتقال والاختفاء القسري، صُدمت العديد من العائلات السوريّة، بوفاة أحباء لهم في معتقلات تابعة للأجهزة الأمنية السورية، بعد توثيق أسمائهم كمتوفين من قبل (دوائر السجل المدني) المتوّزعة في مناطق سورية مختلفة خاصة تلك الخاضعة لسيطرة النظام، منها محافظات حمص وحماه ودمشق ودير الزور ودرعا والقنيطرة”.
وقال التقرير: “في مدينتي حمص وحماه، سلّمت دوائر السجل المدني التابعة للنظام، العشرات من وثائق الوفاة لعائلات محتجزين في سجون الأجهزة الأمنية، دون أن تحصل عائلات الضحايا على معلومات إضافية حول حيثيات وفاتهم أو أماكن دفنهم، باستثناء بيان الوفاة الذي سُجّل فيه تاريخ الوفاة وبعض المعلومات الشخصية الأخرى”.
وسجّلت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وفاة 5 محتجزين (على الأقل) بينهم امرأتين من أبناء دمشق وريفها، في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للأسد، بعد تسلّم ذويهم وثائق بوفاتهم عبر “دائرة السجل المدني” في دمشق.
أمّا في مدينة دير الزور، فقد قال مصدر من داخل “دائرة السجل المدني” للمنظمة إنّ أعداد الضحايا المحتجزين الذين وردت إخطارات بأسمائهم إلى دائرة السجل المدني في المدينة كمتوفين، وتحديداً خلال الفترة الممتدة من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وحتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بلغت نحو 370 محتجزاً، من بينهم 28 امرأة.
وفي محافظتي درعا والقنيطرة، سلّمت سلطات النظام العائلات وثائق تفيد بوفاة ما لا يقلّ 54 محتجزاً ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وذلك منذ تاريخ آب/أغسطس 2018، وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2020، وفقا للتقرير الذي أكد أن اتفاق التسوية الموقع في آب/أغسطس 2018، وبضمانة روسية، لم يشفع من تعرّض العديد من الأشخاص للاحتجاز والوفاة لاحقاً، رغم توقيعهم اتفاق التسوية/المصالحة مع النظام، علماً أنّ غالبية الأشخاص الذين أرسلت وثائق تفيد بوفاتهم في سجون الأجهزة الأمنية، كان قد تمّ اعتقالهم بعد الاتفاق بالإضافة إلى جزء آخر، تعرّض للاعتقال قبل ذلك، ولكن عملية إبلاغ الأهالي تمّت بعد إجراء “التسوية”.
وأوضح التقرير أنّ النظام لم يقم بإبلاغ وإخطار الكثير من عائلات الضحايا بوفاة ذويهم، بل إنّ الكثير منهم علم بمحض الصدفة، عندما ذهبوا إلى دائرة السجل المدني من أجل استصدار أوراق خاصة بهم، كـ”بيان القيد العائلي”، صُدموا عندما شاهدوا كلمة “متوفي” تحت أسماء آبائهم أو أبنائهم أو أزواجهم.
وأشار إلى أنه وفي أغلب الحالات لم يتم تزويد عائلات الضحايا بأي معلومات أخرى تتعلق بحادثة الوفاة (باستثناء بيان الوفاة)، كما لم يتم ذكر أي توضيحات حول كيفية وفاتهم أو معرفة مكان دفنهم أو حتى تسليمهم لرفات الضحية، وفي حالات قليلة جداً، تمّ إبلاغ عائلات الضحايا بوفاتهم عبر جهات أخرى، مثل “جهاز الشرطة” و”مختار الحي” أو “الأجهزة الأمنية” نفسها، وتمّ تسليمهم جثث البعض الآخر.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها المنظمة، فقد سجّلت وفاة العديد من المحتجزين عقب فترة ليست طويلة من احتجازهم، ففي إحدى الحالات، سُجّلت وفاة إحدى النساء عقب شهرين فقط من احتجازها في مدينة دمشق، فيما سٌجّلت وفاة محتجزة أخرى من مدينة دوما عقب شهر واحد من فترة احتجازها.
وفي الجنوب السوري تحديداً، تعاني العديد من الأسر من تحديّات كبيرة عندما يتعلّق الأمر باستخراج شهادات تثبت وفاة ذويهم عبر دائرة السجل المدني، يعود ذلك في كثر من الأحيان إلى عمليات الابتزاز التي يتعرّض لها الأهالي من أجل دفع رشاوى للموظفين.