كان من المفترض، والمنطقي أيضا، أن يكون اللقاء بين الناديين الساحليين بل والمنتميين لنفس المحافظة.. كان من المفترض أن يكون ساحة نزال رياضي لا أكثر، ولكن الوقائع أثبتت أن كل شيء حضر في هذا اللقاء باستثناء الرياضة، هذا إن تركنا الحديث عن أخلاقها جانبا.
ففي اللقاء الذي جمع فريقي “جلبة” و”تشرين” ضمن الجولة الثامنة من الدوري “الممتاز!” قبل ساعات، تحولت المدرجات وأرض الملعب إلى ساحة مناوشات حامية وتقاذف سباب، وتنابز بالألقاب، فاختار جمهور “تشرين” ما رآه الوصف الأنسب لمشجعي جبلة، فنادهم بـ”الشبيحة”، فانزعج جمهور جبلة ورأى في العبارة انتقاصا له ومحاكاة من تشرين لأوصاف يطلقها “المسلحون” عادة على مجرمي النظام، وهكذا رد الجبلاويون على التشرينيين بعبارة “مندسين”!، فزاد اشتعال النار.
وحتى تكتمل صورة الرياضة الحقيقية في “سوريا الأسد”، وبالذات في معاقل موالاة النظام، فإن التشبيح المتبادل بين الفريقين والجمهورين وقع –وللمفارقة- على أرض “ملعب البعث” بمدينة جبلة، فاجتمعت بذلك مختلف العوامل التي حولت الرياضة إلى عامل تناحر وتباغض بل وحتى موت، في نظام ادعى طويلا أنه “يرى في الرياضة حياة”.
ولكي لا يفوت الجمهوران شيء بعد تدخل قوات النظام وفضها الاشتباكات، فقد انتقل العراك إلى ساحات مواقع التواصل، وشارك كل مشجع فيه بـ”نصيبه”، بمن فيهم أولئك الذين لم تتح لهم فرصة مشاهدة “الحفلة” على أرض الملعب مباشرة.
رقميا، انتهى اللقاء لصالح تشرين بثلاثة أهداف لواحد، أما عمليا فقد خرج الفريقان وجمهورهما من اللقاء بشحنات غضب وحقد “متعادلة”، شابها قدر كبير من الوعد والوعيد برد الصاع صاعين، في أقرب المناسبات، دون أن يكون لأحد القدرة على التكهن بما يمكن أن يسفر عنه أي لقاء آخر بين الفريقين.