· الطيران الروسي مزقنا قبل الطائرات الأمريكية
· جيش الأسد مترهل ولا يصلح للقيام بشيء
· قادتنا تحولوا إلى رجال أعمال يتاجرون بحياة العناصر
· في معركة تدمر الأولى امتلأت المستشفيات في كل من حميميم وروسيا بجنودنا
· “صائدو داعش” لم يكونوا سوى فقاعة، وهاجسهم التصوير
وضع الإعلام العالمي برمته (بشرقه وغربه) تنظيم الدولة في خانة الإرهابي الأول في سوريا، والتنظيم المتوحش الذي لا يدانيه ولا يضاهيه أي طرف، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالفظائع من قبيل قطع الرؤوس.. لكن مذكرات مرتزق روسي قاتل في سوريا ضمن مليشيا “فاغنر” تقول إن هناك من يوازي هذا التنظيم، ولكن بلون آخر.
المذكرات التي كان ينتظر صدورها قريبا، تكتسب أهميتها من أن كاتبها أعلن عن هويته الحقيقة بشكل لايقبل الجدل، وقدم روايات عن فظائع وانتهاكات “فاغنر” بشكل صريح، خلافا لكل من تحدثوا سابقا شرط إخفاء هوياتهم، أو لم يسموا الأشياء بمسمياتها.
“مارات جابيدولين”، هو المرتزق الذي كان ينتظر أن يلقي قنبلة مدوية، ليس في الأوساط الروسية فحسب، بل وحتى في الأوساط الدولية، حين يصير كتابه متاحا في السوق، لكن السلطات حظرت طباعته ونشره، ومع ذلك فقد تسرب جزء غير قليل من محتوى هذه المذكرات، وبات بالإمكان الاطلاع على ما يمكن تسميته بحق “داعش بوتين”، التي أتت لذبح السوريين، حتى الموالين، بزعم مناصرتهم.
وفي تقرير له من موسكو، يقول “رائد جبر” مراسل صحيفة الشرق الأوسط، إن “جابيدولين” التحق بـ”فاغنر” ربيع 2015، ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى أرسل إلى سوريا ليتنقل في المناصب والمهام، قبل أن يعود محملا بجروح خطرة، وإثر ذلك قرر الشروع بكتابة مذكراته عن الحرب في سوريا.
ومن النقاط التي يركز عليها “جابيدولين” ضرورة تبصير الجميع بأن “موضوع الشركات العسكرية الخاصة كان محاطا بخداع كامل، مارسه كل من الجيش الروسي والسياسيين”.
ويوضح “جابيدولين” أن من جندوهم كانوا صريحين معهم للغاية، حين أخبروهم: “يا رفاق، أنتم متجهون إلى الحرب حيث توجد مصالح لدولتنا. استعدوا لحقيقة أنكم ستواجهون الموت هناك”، مؤكدا أن الهدف الأول لـ”فاغنر” كان استعادة السيطرة على حقول النفط في سوريا.
وأقر “جابيدولين” بأن هناك عناصر من “فاغنر” قاموا بتعذيب وقطع رؤوس سوريين قرروا الانشقاق عن جيش الأسد، كاشفا هوية المسؤول المباشر عن هذه الانتهاكات، حين قال إن قائد المجموعات العسكرية الخاصة ديمتري أوتكين (يحمل للمفارقة لقب فاغنر)، هو الذي حث المرتزقة على ارتكاب هذه الفظاعات، من “أجل ترهيب الفارين الآخرين المحتملين من الجيش السوري”، معقبا: “أوتكين هو الذي أمر أيضا بتصوير المقاطع ورفعها على الإنترنت، حتى يتمكن كل عناصر الجيش السوري من مشاهدتها”.
وفي جانب آخر من الانتهاكات، تحدث “جابيدولين” عن عمليات نهب للآثار جرت بعد السيطرة على مدينة تدمر، قام بها مرتزقة من “فاغنر”.
ولكن مرتزقة “فاغنر” لم يكونوا فقط مجرد مجرمين، بل كانوا أيضا من وجهة نظر “جابيدولين” ضحية لقادتهم الجشعين، الذين كانوا يأمرونهم حتى باقتحام حقول الألغام في سبيل السيطرة على آبار النفط، قائلا إن هذه السلوك حول القادة العسكريين إلى “رجال أعمال” كل همهم أن يحظوا بالربح والمكافآت عندما يصبح النفط تحت تصرفهم.
وليس هذا فحسب، بل إن قياديين في “فاغنر” كانوا يستولون أحيانا على نصف المكافآت التي تصرف لهذه المجموعة أو تلك، ويكتفون بتوزيع الفتات على الجنود.
وتعرض “جابيدولين” إلى بعض تفاصيل معركة تدمر الأولى، مؤكدا أنها كانت وقعة دامية، فقد “امتلأت المستشفيات في كل من حميميم وروسيا بجنودنا”.
وأشار المرتزق الروسي إلى أن “فاغنر” لعبت دورا حيويا في السيطرة على “تدمر”، ولولاها لما تمكن جيش الأسد وحتى القوات الروسية الداعمة له من الاستيلاء على المدينة، واصفا جيش النظام بأنه “مؤسسة مترهلة وليست قادرة على شيء”.
وكشف “جابيدولين” بعض الحقائق عن المليشيا المسماة “صائدو داعش”، مؤكدا أن جميع أعضائها المسلحين هم من السوريين، وأن عمل بين عامي 2018 و2019 مستشارا ومدربا لهذه المليشيا.
وأوضح “جابيدولين” أن الترويج لـمزايا “صائدو داعش” القتالية، كان مجرد دعاية إعلامية، لاسند حقيقيا لها، وأن هذه الدعاية كان غرضها إقناع العالم بأن “وحدات سورية” هي من تحارب التنظيم وليس شركة عسكرية روسية خاصة (يقصد فاغنر).
وتابع مستذكرا: “في عام 2017 عندما أخذنا تدمر للمرة الثانية، ظهر صائدو داعش فجأة من الخلف وقاموا بالتصوير، كنا قد أنجزنا العمل ووصلنا إلى المطار، أما هم فلم يأتوا إلا لالتقاط الصور”.
وأشار “جابيدولين” إلى المقتلة التي عرفت فيما بعد بـ”مذبحة الخنازير” حين هاجم سلاح الجو الأمريكي رتلا ضخما لمرتزقة “فاغنر” في دير الزور، هناك وفي “ليلة 8 فبراير 2018 على نهر الفرات شعرت بالعجز… كان لدي مدفع رشاش قصير، مخصص للقتال المباشر، لكن حتى لو كان لدي سلاح آخر، فلن أسقط من يهاجمنا… كنا عاجزين عن مواجهة شيء غير معروف سيطير ويحطم رؤوسنا”.
هذه المقتلة التي كبدت “فاغنر” أكثر من 200 مرتزق يومها، ألقى “جابيدولين” باللوم فيها على الجيش الروسي الذي كان على تواصل دائم مع الأمريكيين، وأكد لهم “عدم وجود جنود روس في الموقع”.
وقبل هذه المقتلة على يد الأمريكان، تعرض مرتزقة “فاغنر” في عام 2016 إلى مقتلة على يد أبناء جلدتهم، حين هاجمتهم طائرة روسية عن طريق الخطأ.
ويستذكر المرتزق الروسي كيف تعرضت مواقع المفرزة الرابعة لقصف مركز، معقبا: “كان لدينا مراقب جوي حاول تغيير مسار الطائرة، لكن ربما لم يتم إخباره بتحديثات الشفرة.. لقد استخدم الرموز القديمة، ونتيجة لذلك، لقي الكثير من أفراد مجموعتنا مصرعهم في هذه الغارة….
اندفع الرجال مباشرة إلى مطار (تيفور) لتمزيق هذا الطيار إلى أشلاء، لكن قيل لهم هناك إن الطائرة لم تقلع من تيفور، ولكن من حميميم”!.
وفي فصل أخر من رواياته المثيرة، يتحدث “جابيدولين” عن تجنيدهم أسرى من التنظيم، واستخدام بعضهم في المعارك، قائلا إنه شاهد بنفسه كيف قام ديمتري أوتكين شخصيا بتجنيد هؤلاء الأسرى.