كلاب النظام وقططه وسلاحفه… فؤاد عبد العزيز*

تحركت غرائزي الحسابية لدى قراءتي خبر قيام النظام بتصدير القطط والكلاب والسلاحف إلى الصين وفيتنام، واعتبار ذلك من دعائم التجارة الخارجية التي تدر على خزينة الدولة العملات الصعبة، حيث تواصلت مع أصدقاء في الصين، وسألتهم عن ثمن الكلب المعد للأكل في الأسواق الشعبية عندهم، فأكدوا لي، أن أحسن كلب في الصين، بالكاد يصل ثمنه إلى دولار واحد فقط، أما القطة، فتباع بنصف الثمن.
وبناء عليه، رجعت إلى بيانات رئيس غرفة زراعة دمشق، الذي يدعى عمر الشالط، والتي أعلن عن حجم التجارة الخارجية من المنتجات الزراعية والحيوانية خلال عشرة أشهر، ومن بينها تجارة الكلاب والقطط، فوقعت على رقم 175 مليار ليرة سوريا، أي أكثر من 60 مليون دولار..فلو افترضنا أن مردود تجارة القطط والكلاب، 10 مليون دولار ، فهذا يعني أن النظام صدر أكثر من عشرة ملايين كلب وقطة في غضون عشرة أشهر .. فهل يوجد أولا، كل هذا العدد من القطط والكلاب في مناطق النظام لوحده ..؟
وثانيا، إن نقل القطط والكلاب إلى الصين أو فيتنام عبر البحر ، يحتاج إلى أكثر من شهر ، وهذا يعني أيضا، أن إطعامها خلال هذه الرحلة، يكلف نحو عشرة دولارات للكلب الواحد، بحسب ما أكد لي خبراء في تغذية هذا النوع من الحيوانات، على اعتبار أنها لاحمة، ولا تأكل العشب..فما حقيقة هذه التجارة المحرمة أخلاقيا وإنسانيا ودينيا حتى..؟
 ومن جهة أخرى، ما الذي يدفع مسؤولا عريقا في النظام للإدلاء بتصريحات تافهة ومثيرة للقرف والاشمئزاز، كتلك..؟ في الواقع تصريحات عمر الشالط، دفعتني أكثر للبحث عن خلفية هذا الموضوع، وخصوصا، أنني كنت قد اصطدمت معه منذ أكثر من 15 عاما، وهو في منصبه هذا الذي لايزال يشغله حتى اليوم، وذلك على خلفية صندوق التأمين على الأبقار، الذي اتضح أنه كان صندوقا لجمع الإتاوات ونهب مربي الثروة الحيوانية، دون تقديم أي تعويض لهم في حال نفوق أبقارهم.. ويومها أرسل لي عمر الشالط، مدير مكتبه الصحفي، الذي تهجم علي في عقر صحيفتي، وهددني بالقضاء والمحاكم، إن تابعت البحث في هذا الموضوع..وذكرني في حينها، أن الشالط عضو مجلس شعب، وبالتالي لن أستطيع النيل منه مهما حاولت..  لقد تركت تلك الواقعة أثرا عميقا في نفسي وعلى عملي الصحفي، على الرغم من أن عمر الشالط، أرسل لي فيما بعد، يطلب لقائي لعقد صلح منفرد على مائدة من الفساد والرشوة، إلا أنني لم أذهب، ولا أبالغ إذا قلت، إنني لا أعرف شكله، حتى بالصور، إلى يومنا هذا .. كما ذكرت آنفا، فإن تصريحات عمر الشالط، عن تجارة القطط والكلاب والسلاحف مع الصين وفيتنام، قادتني لسؤال بعض الأصدقاء الصحفيين في الداخل، ليس عن حقيقة هذه التجارة، وإنما عن وضع النظام ومسؤوليه، الذين بدأت تخرج عنهم تصريحات منفلتة ولئيمة، تذكرنا بالأيام الأولى للثورة في العام 2011، عندما كان المطلوب قهر الثوار، بينما الآن فكأنما المطلوب هو قهر الداخل.
الإجابة الشافية، جاءتني من صديق لايزال يعمل حتى اللحظة في إحدى الصحف الرسمية، والذي قال لي: هؤلاء هم الزعران الذين استخدمهم النظام لمحاربتكم وانتصر بهم عليكم، يستخدمهم الآن للانتصار على ما تبقى من الشعب السوري في الداخل..فعلا، منطق صحيح..وقديما قالوا: “البيت اللي ما فيو صايع حقو ضايع”.. وميزة النظام، والشهادة لله، أن لديه “صيّع” أكثر بكثير مما لدى المعارضة..وهذا لعمري، كان من أبرز أسباب تفوقه علينا.

Recent posts