تتوالى الأخبار عن إنشاء تشكيلات حزبية، وتيارات وهيئات سورية معارضة! وكأن قدرنا كسوريين التشتت، وعدم القدرة على الاستقطاب. فلم نتفق حتى الآن على شخصية سياسية وازنة، ولم نتفق على كيان سياسي معارض واحد يوحد جهودنا.
في الولايات المتحدة وحدها ثلاثة مشاريع حزبية سورية تبحث الآن، وهي قيد الإعلان والتشكل، إن لم تكن واحدة منها قد تشكلت فعلاً.
و في أوروبا يسعى البعض –ونحن منهم– للعمل على تشكيل ما يشبه (البرلمان المؤقت) أو (الجمعية الوطنية) وهي فكرة أراها رائدة، وتستحق الدعم، لأنها ليست مشروعاً حزبياً، بقدر ما هي تجمع وطني سوري مؤقت (اشتراعي) أي أنها ندوة يحضرها الجميع على اختلاف مشاربهم السياسية، إذا حققوا شروطاً أساسية وهي نظافة السجل الوطني من الدم وقتل الأبرياء، ومن سرقة المال العام.
من حق الجميع المحاولة هذا صحيح، ولكن على العقلاء التبصر بأن ما يحصل الآن يشبه (الإسهال الحزبي)، وأن هذه الظاهرة خطرة، وعلينا التفكير من منطلق الوحدة الجامعة.
ومهما قيل بحق الائتلاف الوطني، فإن شرطاُ واحداً سيكون كفيلاً بدعوة كل العقلاء والوطنيين، لترك أي مشروع ودعم الائتلاف، وهو وضع الأمور في نصابها الصحيح، وجعل مؤسسة الائتلاف الوطني، مؤسسة جامعة لكل السوريين المعارضين، وذلك من خلال خلق جسد تنظيمي صحيح، فيه هيئة تشريعية وهيئة تنفيذية وموسمية انتخابية بشفافية مطلقة.
إن الأشهر التالية تحتمل أن توصف بالمصيرية في مستقبلنا الوطني، ومن الواضح أن شيئاً ما يتم إعداده، قد يرسم واقعنا خلال عقود من الزمن، ويتم الرسم في غرف مغلقة وراء الستائر، في آلية تكرر نفسها، حيث إن القاعدة تقول إن المقدمات السيئة تقود إلى نتائج سيئة، والعكس صحيح !
ولنلخص المشهد بالأمور التالية:
1-يقوم النظام باستحضار كل قواه السياسية عبر التحالف مع مشايخ النفاق، وهذا مؤشر له دلالات لجهة التوقيت والأسلوب، حيث أعطي وزير أوقاف النظام –علناً– حق الدعاية (الدينية) الحصرية لصالح النظام.
2-يتم تعطيل عمل اللجنة الدستورية بشكل شبه كامل، مع الحديث عن بعض التعديلات الدستورية الجاهزة فقط لإقرارها من قبل اللجنة.
3-يخرج إلى العلن مفهوم (العدالة التصالحية)
4- يتناهى إلى معرفة الجمهور السوري المعارض أخبار متعارضة عن تحضيرات ما تتم مع شخصيات معارضة معروفة بشأن المستقبل السوري.
5- الخطط البديلة إنفصالية سوف تؤدي لانتخابات في شمال شرق، وشمال غرب، من ثم طلب الاعتراف الدولي بكل (كينونة) لوحدها !!!
ماذا نستنتج؟
أظن أن الوقت مبكر على الاستنتاج، و أن ما يجري يشبه السوق الموسمي المجنون الذي يستعجل تجاره لبيع ما لديهم، وسبب الاستعجال في الحقيقة، أن البعض يرى فرصة في الشهر الأخير لإدارة الرئيس (ترامب) ويريد استغلال الفرصة.
من يتقي الله في هذا الوطن؟!