رحيل أحد رموز الثورة في مدينة القصير

نعى ناشطون الخميس الماضي “زهوري محمد الزهوري” أحد ثوار القصير الذي ينتمي لعائلة كان لها دور مشرف في الثورة السورية وقدمت شهيدين من أبنائها.
وينحدر “الزهوري” من مدينة “القصير” جنوب غرب حمص لأب كان متطوعاً في الجيش السوري وشارك في حرب 1967 على الخطوط الأولى ضد العدو الصهيوني.
وكان “الزهوري” وهو من مواليد 1964 رياضياً ومولعاً بالسباحة والغوص وسافر مع أشقائه الشهيدين “مهيد وطراد” وإخوته أبطال الملاكمة السورية الاستاذ “موفق الزهوري” والمعلم “عاطف الزهوري” إلى قبرص للعمل هناك في مجال الغوص وفي تربية الأحياء المائية وهندسة أحواضها. حيث عمل في شركة تدعى (الجزيرة الزرقاء) كغواص وبعد عودته عام 2000 عمل في التجارة والصناعة وفي مجال الإنشاءات والبناء وعدة أعمال في لبنان ومنها شركة “الحلال” لإنتاج لحم الدجاج.
وفي حرب تموز وبعد هروب أهالي جنوب لبنان استضاف حوالي 300 شخص في منزله ومع أهله وأمن لهم المنامة والطعام والشراب كما يروي قريب له فضل عدم ذكر اسمه لـ”زمان الوصل”، مضيفاً أن النظام بدأ بمراقبة “زهوري” وأشقائه قبل اندلاع الثورة تحسباً لدور متوقع في دعمها وتمويلها وأخذوا أرقام سياراته من قبل اندلاع الثورة وجمع معلومات عن عمل كل فرد من عائلته، وعند اندلاع الثورة وانتقالها إلى “القصير” تصدر “زهوري” مع إخوته المظاهرات السلمية، وخاصة من الحي الغربي للقصير، وكم تمنى أن تبقى الثورة سلمية، ولكن النظام كان هو من تسبب في تسليح الثورة بقتله وبطشه للمتظاهرين السلميين.
في إحدى المظاهرات أطلقت قوات النظام النار على المتظاهرين في طلعة السينما، وسط “القصير”، وقتل أحد أبناء المدينة وجرح آخر مما دفع “زهوري” لإيصال الجريح إلى الحدود اللبنانية.
وتابع المصدر أن الأهالي علموا بنية استشراس النظام ورفض الحوار وأن لا حل لديه إلا الحل العسكري، حيث طوقوا “القصير” بالمدرعات والآليات الثقيلة بعدة محاولات في البداية وفتشوا بيوت عائلة الثائر الراحل ونهبوا وكسروا أثاثها واعتقلوا والده وكان في الرابعة والسبعين من عمره حينها وضغطوا عليه بالتحقيق في الأمن الجوي ليدلهم على أماكن أولاده أو ليسلموا أنفسهم ودام اعتقاله شهراً.
وأردف محدثنا أن تطويق “القصير” واقتحامها مع بساتينها تكرر فيما بعد وارتكبت قوات النظام مجزرة على ضفاف العاصي أودت بحياة 13 شاباً أعزل من السلاح منهم 8 من أولاد عمه مما اضطر أهل “القصير” إلى حمل السلاح ومنهم “زهوري” للدفاع عن المدينة، وكان ذلك في 24 أيلول سبتمبر/2011.
وهنا تسلحت الثورة في “القصير” ذاتياً وتشكلت المجموعات والكتائب الثورية المسلحة واستلم “زهوري” -حسب المصدر- قيادة “اللواء الرابع” الذي كان يتموضع غربي العاصي لصد هجمات ميليشيا “حزب الله”، وخاض “زهوري” كل المعارك للدفاع عن “القصير” وتحريرها، ومنها معركة “البرهانية” التي قضى فيها شقيقه “مهيد” في 30 أيار مايو/2012.
بعد تراجع الفصائل غرب العاصي وتهجير أهالي “القصير” والقرى المحيطة بها جراء القصف العنيف للنظام ولمليشيا حزب الله اضطر “أبو عدي” للخروج مع المقاتلين الآخرين بعد قرار الانسحاب الإنساني لكثرة الجرحى والمصابين من المدنيين إلى يبرود في القلمون مع حوالي 7000 شخص من بينهم 1200 جريح من أهالي “القصير” عبر فتحة الموت قرب قرية “الحسينية” شرق مدينة “القصير”، وخاض معركة مع مليشيا حزب الله وقوات النظام أثناء النزوح رغم أنه كان جريحاً جراء إصابة بليغة في صدره وقدمه اليسرى، ودمر مع رفاقه عدة دبابات لجيش النظام الذي اضطر للتراجع بعد أن افتعل مجزرة بالنازحين ذهب ضحيتها مئات القتلى بين امرأة وطفل وشيخ.
بعد دخول جيش النظام ومليشيا حزب الله “القصير” أول ما فعلوه بعد سرقة ونهب كل بيوت المدينة أن دمروا أملاك “زهوري” وعائلته من خلال تلغيمها ومن بين ما دمروه “براد الشهداء” الذي تعود ملكيته للثائر الزهوري والذي خرج منه اكثر من 2000 شهيد إلى مثواههم الأخير وهكذا فعلوا بالكثير من بيوت الثائرين.

وشارك “زهوري” بمعركة “يبرود” و”القلمون” ومعارك استرجاع “القصير” وبعد سقوط مدن “القلمون” بيد ميليشيا “حزب الله” في آذار مارس/2014 واستشهاد أخيه “طراد” بمعارك جبال يبرود انتقل إلى لبنان للوقوف إلى جانب أهل “القصير” في محنتهم في “عرسال”، ولم يبخل الراحل بأي جهد أو مساعدة يمكن تقديمها لهم، لكنه لم يسلم من ملاحقة الأمن اللبناني لسيرته الثورية فخرج إلى الشمال السوري في آب أغسطس/2017، ومن هناك انتقل إلى تركيا للعلاح بجانب عائلته وأولاده وكان ينوي العودة للقتال حتى يتحقق النصر، ولكن الأمراض داهمت جسده المثخن بالجراح واستقرت بصدره والذي كان يعاني منه كثيراً فنقل للمشفى ووافاه الأجل بتاريخ 4/3/2021 بعد أن أوصى بأن يدفن على ثرى سوريا وكان له ذلك -بعد أن أدخله شقيقه المصاب “مارشال” ليدفن في مدينة إدلب بين أهله وأحبته.

Recent posts