عقب مقتلة كولورادو.. العيسى يشعل شرارة انقسام أمريكي ضخم ربما يغير وجه البلاد

أخذت مجزرة “كولورادو” بعدا آخر داخل المجتمع الأمريكي، يشي بمزيد من الانقسام، وذلك بعد أن سارعت شريحة من الأمريكيين لنعت مرتكب المجزرة بأنه “إرهابي أبيض”، قبل أن تتضح الصورة تماما ويتبين أن مطلق النار الذي أردى 10 أشخاص، إنما كان “مهاجرا” سوري المولد، اسمه أحمد عليوي العيسى.
وتولت عدد من تقارير الإعلام الأمريكية رصد ردات الفعل التي تلت ارتكاب المجزرة، لاسيما تلك التي وجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى العرق الأبيض، ونددت بعنصريته وإرهابه، دون أن يخطر ببالها للحظة أن الشخص الذي ارتكب المقتلة الجماعية، لم يكن له أي صلة بالعرق الأبيض ولا نظرية “تفوقه”، بل على العكس تماما، فإن “العيسى” -وحسب أقوال أخيه- كثيرا ما كان ضحية تنمر الآخرين عليه، لاختلاف هويته (كونه مسلما).
التقارير والتغريدات التي تابعت “زمان الوصل” بعضها، وتولت ترجمة أهم ما فيها، سلطت الضوء على ما انتشر في موقع التغريد “تويتر” من عبارات تندد بمعتنقي نظرية تفوق البيض، وتشتكي من إجرامهم وظلمهم، وتحكم بأن جريمة “كولورادو” ليست سوى سلسلة في حلقة من مجازر البيض.
وقد انخرط في مثل هذه التغريدات جمع غير قليل من الأمريكيين، بعضهم عمد لحذف تغريداته بعد انكشاف هوية المنفذ، بينما عاند آخرون وأبقوا على ما كتبوه، مجادلين بأن اتهام “العيسى” بأنه ابيض إنما جاء بناء على لون بشرته وليس على انتمائه العرقي! (اقتادت الشرطة “العيسى” شبه عار في الشارع، وهو ما سمح بإظهار لون بشرته لجميع من تابعوا لقطات اعتقاله على الشاشات).
المثير أن من بين من انخرط في شجب إجرام البيض، كان ابنة أخت نائبة الرئيس “كامالا هاريس”، التي قالت في تغريدة لها: “عنف الرجال البيض هو أعظم إرهاب يهدد بلدنا”، وهو ما اعتبره أمريكيون بشكل أو بآخر تحيزا من هذه “السوداء” ضد الأمريكيين البيض، واستغله يمنيون متطرفون للقول بأن إدارة “بايدن” لاتوفر فرصة للعزف على وتر مظلومية السود، حتى لو كان عبر إلقاء التهم جزافا.
ومما زاد حنق الأمريكيين وانقسامهم، أن موقع “تويتر” الذي استخدم منصة لنشر سيل من التغريدات بخصوص مجزرة “كولورادو” ومرتكبها.. “تويتر” هذا رفض أن يعد كل التغريدات التي وصفت القاتل تارة بأنه “أبيض” وتارة بأنه “إرهابي مسيحي أبيض”.. رفض أن يعدها انتهاكا لقوانينه، يستوجب أن يتم حذفها أو إخفاؤها، وهذا ما دعا بعض الأمريكيين للحديث عن ضلوع “تويتر” في “مؤامرة” هدفها تشويه صورة البيض.
وهكذا نجد تداعيات ما أقدم عليه “العيسى” تتوسع وتتدحرج ككرة نار، منذرة بمزيد من التمزق والانقسام بين الأمريكيين، ربما يكون الأخطر من يوم انقسامهم عشية الانتخابات ما بين مؤيد لـ”ترامب” وآخر لـ”بايدن”.
وليس النقاش على هوية القاتل ونعته بـ”الإرهابي الأبيض” هو عامل الانقسام الوحيد، فهناك في الأفق شبح انقسام أعظم بين من يريد حظر حمل السلاح على الأمريكيين، ومن يدافع بأسنانه وأظافره عن بقاء هذا الحق مشرعا على مصراعيه، بوصفه معيارا من معايير الحرية الشخصية التي تميزت بها الولايات المتحدة وأعلت قيمها إلى درجة التقديس.

وعليه، فإن المقتلة التي نفذها “العيسى” ربما تشكل لحظة فاصلة في تاريخ الأمريكيين، سواء تم حسم النقاش حول أحقية حمل السلاح، أم لم يحسم، وسواء خفت حدة الصراع بين السود والبيض، أو لم تخف..

Recent posts